هل يتوصل طرفا النزاع لحل الأزمة الليبية في موسكو؟

  13 يناير 2020    قرأ 636
هل يتوصل طرفا النزاع لحل الأزمة الليبية في موسكو؟

أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن عقد محادثات بين المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، في العاصمة موسكو.أن اللقاء يعقد بناء على المبادرة الروسية التركية، وبأنه سيكون بمشاركة ممثلين عن وزارتي الخارجية من البلدين.

وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان قد دعيا إلى وقف إطلاق النار في ليبيا ابتداء من يوم 12 يناير/كانون الثاني، وهو ما نفذه الطرفان المتصارعان في ليبيا، إلا أن عدة حالات لخروقات للهدنة أعلنت حتى اليوم.

توقعات حول المحادثات
وعن هذه المحادثات والتوقعات التي قد تفضي إليها، صرح العميد خالد محجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي في لقاء مع "سبوتنيك": "نحن نثق بروسيا أكيد  بسبب موقفها المنصف من الشعب الليبي، والجيش الآن في وضع جيد جدا ويمتلك 85% من الأرض، ومشكلتنا الآن في الميشليات وتفكيكها، وروسيا تدرك هذه المسألة، ولا بأس أن نصل إلى تفكيك الميليشيات من خلال الحل السياسي، إذا كان ذلك ممكنا".

بدوره المحلل السياسي التركي فراس أوغلو، فقال في حوار مع "سبوتنيك": "أتوقع أن المفاوضات بحد ذاتها في موسكو أمر جيد، لأن موسكو تقف في الوسط وإن كان هناك من يقول أنها تميل إلى طرف على حساب آخر، لكن لديها علاقات قوية جدا مع الطرف الثاني، وروسيا من دول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، لذلك أعتقد أن الدور الروسي قوي من الناحية الاستراتيجية".

وتابع أوغلو: أيضا أتوقع أن يكون لروسيا دور إيجاد لحلول وسط وفق التفاهمات القديمة، انطلاقا ربما من الصخيرات مع بعض التعديلات ليس أكثر، وقد قرأت عن بعض التقديرات تتحدث عن سقف عالي من ناحية المشير حفتر، ولا أعتقد أنها صحيحة وليست واقعية.
أما المحلل السياسي والخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية غريغوري لوكيانوف، فاعتبر في اتصال مع وكالة "سبوتنيك" بأن يمكن لروسيا وحدها أن تتصرف في هذا الملف كوسيط، فهي تكون حوارا بين جميع المشاركين في الأزمة، وتركيا ليس لديها مثل هذه القدرة، فاهتماماتها مرتبطة مباشرة بدعم السراج، لذلك فإن لروسيا وتركيا أدوار مختلفة.

وتابع لوكيانوف: "هناك فهم للحاجة المتبادلة بين الطرفين، ولديهم فهم مشترك لمصالح بعضهم البعض، لذلك التفاهم المتبادل بين تركيا وروسيا يكفي للقيام بشيء جديد في الاتجاه الليبي، وإن كانت الإحتمالات لا تزال ضبابية".
الالتزام بالنتائج
وعن إمكانية تثبيت القرارات المنبثقة عن هذه المفاوضات، والتزام الأطراف كافة بها، خصوصا وأن الهدنة قد شهدت عدة خروقات بعد إعلانها، يقول العميد خالد محجوب: القوات المسلحة ملتزمة بالهدنة، والآن يمكن مراقبة ذلك عبر الأقمار الصناعية، وسجلنا 30 خرق حتى الآن بالإضافة إلى طائرة مسيرة تحمل قذائف هاون، تم إرسالها على قواتنا، ونحن ملزمين فيما إذا حصل هجوم بأن نرد، لكن نحن لا نهاجم بالأسلحة الثقيلة أو بالقذائف أو ما شابه.

وأكمل محجوب: قواتنا تتمتع بالحكمة والنفس الطويل والصبر بناء على تعليمات القيادة العامة، ولكن إذا ما استمرت هذه الخروقات بالتأكيد هذا لن يرضي حتى الأطراف التي دعمت وعولت على هذه الخطوة.
وبدوره يرى فراس أوغلو بأن الخروقات ستكون موجودة دائما ولكنه يعتقد أنها ستكون بشكل قليل، وأوضح: "فهنا لا نتكلم عن جيشين كبيرين كالتركي أو كالروسي مثلا، فهذه الجيوش الكبيرة المعلومات فيها تصل بثانية واحدة إلى الجميع، أما في ليبيا نعلم أن هناك طرفان تقريبا من الجيوش الصغيرة إضافة إلى الفصائل التي تقاتل معهم، وهذا وارد لأن لا ثقة بين الطرفين، وقد تحدث هنا وهناك بعض الاشتباكات الصغيرة".

وأكمل: لم أجد خلال السنوات الماضية أي اتفاق هدنة يصبح صفر بالكامل، وغالبا ما يكون هناك خروقات، لكن انخفاض نسبة القتال هذا مهم، وأعتقد أنها النسبة الآن مقبولة جدا عند الأطراف من قبل الأطراف.
أما المحلل السياسي الروسي غريغوري لوكيانوف، فيرى أن حل الأزمة طويل جدا، وأن الثقة بين الأطراف معدومة تقريبا، وأضاف: لا يعني وقف إطلاق النار الإزالة الكاملة للخلافات القائمة بين الطرفين في ليبيا، واليوم نحن لا نتحدث عن حل الأزمة فهي عملية معقدة وطويلة، وليس لدى أي من المشاركين أن الحلة سيتم حلها في المدى المنظور.

وأردف لوكيانوف: إذا وقع الطرفان على وقف إطلاق النار فليس هناك ما يضمن عدم انتهاكه، فالوضع شديد الانفجار، والثقة في أي اتفاقات سياسية في ليبيا ضئيلة، لذلك المخاطر عالية جدا.
الدور والمصالح
وعن الدور الروسي التركي في حل الأزمة الليبية ومصالحهما من إنهاء النزاع القائم، يقول مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي خالد محجوب: روسيا دولة داعمة ولديها علاقات قديمة مع الشعب الليبي، ودائما نثق في موقفهم مع الشعب الليبي، وروسيا لديها دورها العالمي وثقلها كدولة عظمى وتحظى باحترام كبير، والرئيس بوتين معروف بأنه يدرك أهمية العامل السياسي.

وتابع محجوب: ليبيا دولة شرق أوسطية لديها موقعها وثرواتها، وهي تعاني من هذا الوضع ومن عدة مشاكل تحيط بها، بالإمكان أن تتجه إلى التنمية، وفي النهاية كل العالم يسعى إلى تحقيق مصالحه، وليبيا دولة فيها مصالح لعدد من الدول الصناعية بسبب ثرواتها الكبيرة.
أما المحلل السياسي فراس أوغلو فيرى أن هذه قراءة استراتيجية مهمة جدا، وأن الطرفان يعلمان أن الشرق الأوسط وحتى الأدنى فيه فراغ استراتيجي، فالولايات المتحدة تبدأ بالانسحاب وأوروبا غير قادرة على فعل شيء، والطرفان يقرأان ذلك بشكل دقيق ومحترف، إن كان في أنقرة أو في موسكو.

وواصل أوغلو: هذا الملئ إما أن يكون تصادمي أو توافقي، فتركيا لديها قوة ونفوذ إسلامي والجميع يعرف هذا الشيء، خصوصا في هذه المنطقة، وروسيا دولة كبيرة، والرئيسان أردوغان وبوتين أوضحا أن كل شيء سيكون توافقي، الآن روسيا ليست عدوة لتركيا، وهي ليست شريك عادي بل هو شريك كبير جدا واستراتيجي، وليس فقط اقتصادي وتجاري، ونحن هنا نتكلم عن منطقة المتوسط وباتجاه روسيا.

وتابع: لليبيا موقع استراتيجي مهم جدا، وموقع نفطي ومهم للغاز، وموطئ قدم لروسيا في المتوسط، فروسيا ليس لديها منفذ على البحر المتوسط، على عكس تركيا التي لديها منفذ على المتوسط والأسود، والبحر الأبيض المتوسط هو الآن مركز الطاقة نتيجة الاكتشافات التي فيها.
وأردف: القدم الأولى لروسيا كانت في سوريا، والقدم الثانية الآن هي في ليبيا، وأعتقد أنها مساحة مهمة جدا لروسيا في البحر المتوسط، أما بالنسبة لتركيا فالأمور معروفة للجميع كالاقتصادية والتجارية والنفطية والأمن القومي التركي وغيرها من الأمور.

أما الخبير الروسي غريغوري لوكيانوف فلخص ذلك بقوله: روسيا لم تكن البادئ الرئيسي للمفاوضات، بل ما رأيناه خلال الفترة الماضية كان مرتبط بالمبادرة التركية، لذلك تحولت تركيا نحو روسيا باقتراح استخدام التطورات والخبرات المشتركة في الصراع السوري لحل الوضع في ليبيا.

وختم حديثه: بالنسبة لروسيا الاتحادية تعتبر ليبيا كرمز للتأثير السلبي للغرب في بلدان المنطقة، وتعتبر تسوية النزاع أيضا مهمة لروسيا حيث أن تطوير العلاقات الاقتصادية مع ليبيا يمكن أن يكون فقط بعد استقرار الوضع، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تحول الأزمة الليبية نظام التسوية الروسية التركي إلى أساس لحل مجموعة واسعة من النزاعات في الشرق الأوسط.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة