"مذاق العلا".. حيث يتحول الزائر إلى مزارع

  08 فبراير 2020    قرأ 1176
"مذاق العلا".. حيث يتحول الزائر إلى مزارع

جبال ورمال على مرمى البصر، تعكس طابعا صحراويا بامتياز، لكنها تخفي في جعبتها جنات زراعية تزخر بثمار لا تنبت إلا في أخصب أنواع التربة، لتضفي مزيدا من السحر على مدينة العلا السعودية.

تشتهر العلا بتمورها التي تنتشر مزارعها في مختلف أنحاء المدينة، إلا أن ما لا يدركه كثيرون هو أن الخضراوات والفواكه التي يُشترط لزراعتها وجود مناخ معتدل وتربة خصبة، وجدت لنفسها موطنا في العلا.

بفضل مهرجان "شتاء طنطورة" الذي يقام سنويا في المدينة، فتحت مزرعة "مذاق العلا" أبوابها للزائرين، وسمحت لهم أيضا بتقمص شخصية المزارع، من خلال قطف الثمار بأنفسهم وعصر بعضها، بل وزراعة بذور باسمهم.

مشهد ساحر ينتظر الزائر فور دخوله إلى المزرعة، فكل ما يراه أشبه بلوحة فنية امتزج فيها اللون الأخضر بالبني، بمختلف أطيافهما، فالجبال الشاهقة تحتضن الأشجار، التي تزخر بدورها بألوان الثمار البراقة.

تبدأ التجربة في "مذاق العلا" بتعريف الزائر بأنواع الثمار التي تزرع فيها، التي تنقسم لقسمين، شتوي مثل البرتقال والليمون و"البوملي" و"الترينج"، وصيفي مثل الموز والأناناس والكيوي والخوخ والتفاح والرمان والجزر، وهو أمر كفيل بإثارة دهشة الزائر.

"مسلح" بسلة، ينطلق الزائر في المزرعة برفقة أحد العاملين فيها، لتبدأ مهمته في التعرف على الأشجار المزروعة وقطف ما يحلو له من ثمارها.

شجرة ليمون.. هي أول "مستقبلي" زوار "مذاق العلا"، وتنتج نحو 600 رطل من الليمون سنويا، لتبدأ بعدها أشجار البرتقال والمانغو والجوافة والرمان بالظهور شيئا فشيئا.

ويعود السبب في وجود هذه الأنواع المختلفة من الثمار في المزرعة، إلى التربة الخصبة لمدينة العلا، التي يرجع الفضل فيها إلى وفرة المياه الجوفية.

وقالت رغد، إحدى المشرفات في مزرعة "مذاق العلا"، لموقع "سكاي نيوز عربية": "تربة العلا خصبة وتمثل بيئة زراعية غنية جدا، مما يفسر كون الزراعة من الحرف الأولى التي أتقنها أهل المدينة، وانتشرت بفضلها مزارعهم في مختلف أنحائها".

أشجار "غريبة"

ولعل أكثر ما يجذب الانتباه في مزرعة "مذاق العلا"، هو وجود أشجار بعيدة كل البعد عن بيئة المدينة، لتثبتت أن حب التجربة قادر على كسر الحواجر.

وكان مالك المزرعة، حامد شويكان، قد جاء بنباتات من مختلف أنحاء العالم ونجح في زراعتها، مثل القطن المصري والجوافة من أميركا الجنوبية، والتفاح، والبرتقال الصيني صغير الحجم، الذي يعرف أيضا بـ"البرتقال الملكي" أو "كمكوات"، والموز.

ومن عوامل نجاح هذه التجارب، هي خصوبة التربة بفضل المياه الوفيرة، ووجود الجبال المحيطة بالمنطقة، التي تعمل كمصدات للريح، بحسب رغد.

من جانبه، تحدث شويكان مع موقع "سكاي نيوز عربية"، عن السبب الذي دفعه لزراعة تلك النباتات الغريبة عن المنطقة، قائلا: "حب التجربة هو ما قادني، إذ أحضرت بعض النباتات والأشجار من داخل المنطقة وخارجها، مثل التفاح الذي جئت به من سوريا، والمانغا الكينية والمصرية والهندية، والجوافة من عدة بلاد في أميركا الجنوبية".

وفي الوقت نفسه، أكد شويكان على أهمية إبراز تراث العلا، قائلا: "اهتممت أيضا بالأشجار التي تتميز بها العلا مثل النخيل الحلوة والبرنية وأشجار اليسر والمورينغا والليمون والحمضيات، لأبرز تراث العلا من خلال المزرعة، فالتراث الأصيل هو هوية وطن".

وتابع: "من المهم أن يعرف الزائرون أن البلاد منتجة، وهي ليست فقط عبارة عن نفط وجمال وآثار، بل هناك حضارة امتدت لآلاف السنين في هذا الوادي، وادي القرى".

وهنا، أكدت علا شويكان، التي تعمل في إدارة المزرعة، على أن الهدف لا يتوقف عند زراعة المنتجات فقط، وإنما أيضا تحويلها إلى صناعة.

وقالت لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الممكن مستقبلا أن نفتح مزرعة خاصة بالقطن، ونحظى شيئا فشيئا بمصنع للقطن أيضا، مثل مصانع المورينغا التي تم إنشاؤها لصناعة الزيوت والكريمات والماسكات".

فوائد علاجية

ولا يقتصر تخصص العاملين في المزرعة على زراعة الثمار وأكلها أو عصرها، وإنما يتم التركيز على استغلالها في الأغراض العلاجية.

وقالت رغد: "نهتم أيضا بالفوائد العلاجية للمنتجات التي نزرعها هنا، فالجوافة على سبيل المثال، يكمن غلي أوراقها واستخدامها في علاج حساسية الصدر".

وتابعت: "لدينا أيضا شجرة المورينغا الهندية، وهي غنية بالأوميغا 3 وفيتامين E وفيتامين A،  ومضادات الأكسدة، ويتم استخدام أوراقها في السلطة أو الشاي، ولها أيضا استخدامات جمالية في الحنة وتصنع منها الكريمات والصابون والزيت، وهي مفيدة للبشرة الجافة والحساسة".

 


مواضيع:


الأخبار الأخيرة