المسار والاستفزازات
كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد أعلن يوم الجمعة عن توقيع نص اتفاق وقف إطلاق النار بعد محادثات مع الجانب الروسي، وكانت أولى خطوات هذا الاتفاق هو تسيير الدوريات المشتركة بين الجانبين، قبل أن يتم يوم أمس الإعلان عن اختصار مسار هذه الدوريات.
وحول هذه الاستفزازات واختصار المسار، يقول الكاتب والمحلل طه عودة أوغلو في اتصال مع وكالة "سبوتنيك": هذه الدوريات جاءت بعد تفاهمات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وبعد اجتماعات عقدت في أنقرة، وفي الأمس وزارة الدفاع الروسية قالت أن هناك استفزازات من قبل مسلحين.
ويتابع: في المقابل هناك بعض الأنباء تشير إلى أن الذين وقفوا في الطريق هم مدنيون، بينما وزارة الدفاع التركية لم تعلق على هذا الموضوع، وتقول بأن الدوريات بدأت وانتهت من دون أي إضافات أخرى.
بدوره المحلل الاستراتيجي والعسكري السوري اللواء رضا شريقي يرى، في لقاء مع "سبوتنيك"، بأن للإرهابيين مصلحة في عدم استتباب الأمن في المنطقة، وعدم فتح طريق إم4، لأن هذا الموضوع يمكن أن يؤثر عليهم وأن يؤدي إلى القضاء عليهم بشكل عام، وخاصة في جنوب منطقة أريحا.
ويكمل شريقي: "هم لديهم بعض العناصر وهذه العناصر تقوم باستفزاز الدوريات الروسية التركية المشتركة، وذلك بسبب عدم جدية حل هذه المسألة، ولو كان الطرف الآخر جدي في ذلك لكان يجب عليهم أن يوقفوهم، أو على الأقل أن يتم الاتفاق مع الطرف الروسي".
التأثير على اتفاق موسكو
وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان قد اتفقا في موسكو في الخامس من الشهر الحالي، على إيجاد حل للأزمة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، والاتفاق على وقف إطلاق النار.
وحول مدى التأثير على الاتفاق بسبب هذه الاستفزازات التي تعرضت لها الدوريات المشتركة يقول طه عودة أوغلو: هذه الدوريات هي اختبار حقيقي للتفاهمات التي جرت بين الطرفين، والبند الأول في هذه التفاهمات، وإن لم يتم إنجازها فهذه إشارة واضحة بأن التصعيد سيكون سيد الموقف خلال الأيام المقبلة.
ويكمل أوغلو: "وأعتقد حاليا أن الهدف من هذه الدوريات هو اختبار النية لدى الطرفين، ولاحظنا في الأيام الأخيرة لهجة تفاؤلية من جانب الرئيس التركي أردوغان ووزير دفاعه، فيما يتعلق بإمكانية صمود هذا الاتفاق".
ويتابع: "لكن في المقابل هناك تعزيزات عسكرية وأرتال من الآليات العسكرية التركية وصلت إلى المنطقة، فتركيا من وجهة نظري ترى أن هذا الاتفاق لن يصمد مدة طويلة، وهي تحاول قدر الإمكان تأخير انهيار هذه الهدنة إلى حين الحصول على دعم من بعض الدول كالولايات المتحدة أو الناتو".
فيما يقول الخبير السوري رضا شريقي: "الأتراك لا ينفذون ما اتفقوا عليه مع بوتين في موسكو في الخامس من الشهر الحالي، ونوايا الصديق الروسي كانت حسنة في هذا المجال، أما النوايا التركية فلم تكن بالمستوى الذي نرغب به".
ويواصل حديثه: "تركيا حتى الآن ليس لها مصلحة في إنهاء الحرب، ولها أدوات في المنطقة هناك، وهي لا تريد أن تتخلى عنها حتى الآن، كما يجب أخذ الضغوطات الأمريكية أيضا بعين الاعتبار، والتي تدفع لعدم الرضوخ لهذا الاتفاق".
ويستطرد شريقي: "نعلم أنه عندما حاول الروس طرح هذا الاتفاق في مجلس الأمن رفضه الأمريكي، وبالتالي الأمريكيون والأوروبيون وأدواتهم غير راضيين عن مثل هذا الاتفاق، الذي يمكن أن يؤدي إلى وقف حالة الاقتتال الموجودة على طريق إم4، وإنهاء العصابات".
الالتزام باتفاق موسكو
في الوقت الذي كانت روسيا قد أعلنت أن اتفاق وقف إطلاق النار يحترم بشكل عام، وبأنه تم التغلب على تصعيد خطير في المنطقة، تأتي هذه الاستفزازات لترسم إشارات استفهام حول مدى الالتزام بهذا الاتفاق.
وعن ذلك يقول طه عودة أوغلو: "تركيا تحاول قدر الإمكان عدم الانزلاق إلى مواجهة مع روسيا، وتحاول إيجاد حلول وسطية لمنع انهيار هذا الاتفاق، والطرق الدولية كانت في اتفاق سوتشي عام 2018، وتم تأخيره خاصة فيما يتعلق بالمجموعات المسلحة والإرهابية".
ويكمل: "قبل يومين كان هناك أنباء عن اجتماع لكافة الفصائل المسلحة في أنقرة، وهذه إشارة واضحة بأن تركيا تريد حل هذه المشكلة، وخاصة فيما يتعلق بوجود تلك الجماعات، والتي دائما كانت تهاجم وتثير حفيظة البعض في المنطقة".
ويضيف: "لذلك أعتقد أن تركيا تريد حل هذه المشكلة، وهدفها الأساسي هو حماية المدنيين، وإنشاء منطقة آمنة، والتخلص من تلك الأوضاع هناك".
أما الخبير الاستراتيجي رضا شريقي فيلخص الأمر بقوله: للعصابات الإرهابية مقار قوية جدا متمركزة على طرفي طريق إم4، ولا يمكن أن تزال هذه العصابات ومقارها إلا بالقوة، لذلك هي متمسكة بها بشكل كبير، والطرف الروسي لا يريد أن يخرق الاتفاق الأخير، والتركي للأسف لا ينفذ ما هو مطلوب منه أبدا.
مواضيع: