لكن احتواء فيروس الكوليرا في إحدى ولايات البلاد، والإجراءات السريعة التي اتخذت قبل أشهر، ساعدت في مواجهة كورونا.
وكانت البنية التحتية الطبية قد تدهورت كثيرا في السودان خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة، إبان حكم عمر البشير الذي أطاحته الاحتجاجات في أبريل الماضي.
وبرزت مخاوف وشكوك جدية بشأن قدرة القطاع الصحي في السودان على مواجهة فيروس كورونا المعروف أيضا باسم "كوفيد 19"، الأمر الذي تبدد قليلا مع بروز العديد من المؤشرات الإيجابية.
ورصد مراسل "سكاي نيوز عربية" في الخرطوم، خلال الأسابيع القليلة الماضية، جهدا حكوميا وشعبيا استثنائيا من أجل إصلاح العطب والاستعداد لمواجهة الفيروس.
وسجل السودان حتى الخميس 6 إصابات بفيروس كورونا، توفيت اثنتان منها وتماثلت أخرى للشفاء، بحسب الأرقام الرسمية.
إجراءات سريعة
يعتقد الكثير من العاملين في قطاع الرعاية الصحية، مثل الطبيب الشاب محمد علي، أن الإجراءات السريعة التي اتخذها وزير الصحة الاتحادي أكرم التوم في نوفمبر الماضي، أي بعد شهر فقط من تسلمه مهامه، سهلت التعامل مع أزمة فيروس كورونا.
وشملت الإجراءات إعادة تبعية 10 مستشفيات حكومية كبرى للوزارة، إضافة إلى تغييرات إدارية وتنظيمية واسعة قام بها.
وقال علي إن فيروس كورونا شكل ثاني اختبار لقطاع الصحة، بعد الاحتواء السريع لمرض الكوليرا المعدي في منطقة النيل الأزرق في أكتوبر الماضي، وما تلى ذلك من تجهيز 6 مراكز إيواء احتياطية.
سد الثغرات
ويشير بهاء الحاج مدير مستشفى الراجحي الواقع غرب أم درمان، إحدى المدن الثلاثة المكونة للعاصمة السودانية، إلى أن جميع العاملين في قطاع الصحة والقطاعات الأخرى المساعدة باتوا يركزون بشكل كامل على سد كافة الثغرات والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، للتصدي بفاعلية أكبر للفيروس في حال انتشاره على نطاق واسع في البلاد.
ويؤكد الحاج أنه "رغم نقص المستلزمات الطبية في بعض المستشفيات، فإن هناك جهودا كبيرة تبذلها وزارة الصحة والعديد من الهيئات والمنظمات الحكومية والأهلية، لتعزيز جاهزية المستشفيات ومراكز الإيواء".
ويقول الحاج إن العديد من المستشفيات أولت صيانة وإعادة تأهيل وتجهيز أجهزة التنفس الصناعي أهمية كبرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كما كثفت عمليات التعقيم ومنعت تجمعات المرافقين، وتبنت إجراءات صارمة للحفاظ على البيئة الداخلية والخارجية للمستشفيات منعا لانتشار العدوى.
ويوضح مدير المستشفى، أن خطة الطوارئ الوطنية وضعت على كاهل المستشفيات العامة المنتشرة في كافة أنحاء البلاد مهمة تعزيز جاهزيتها، والاستفادة من الجهود الرسمية والمجتمعية لمواجهة الفيروس.
تضافر جهود
وتتعاون العديد من المستشفيات والمستوصفات الخاصة في الخرطوم والمدن السودانية الأخرى، مع المجهود الوطني بأساليب ووسائل عديدة، فبعضها وضع ما يملك من أجهزة وكوادر طبية تحت تصرف الدولة والمستشفيات الكبيرة القادرة على التعامل مع الفيروس.
ويقول محمد الأمين، وهو صاحب مستوصف خاص في ولاية النيل الأزرق الواقعة جنوب الخرطوم، إن طبيعة المرحلة تفرض ضرورة تكاتف جميع الجهود والاهتمام بالأولويات، وهو ما دفعه لوصع كافة أجهزة التنفس والمعدات الضرورية الموجودة في مستوصفه تحت تصرف المستشفى العام ومراكز العزل في المنطقة.
ويرى الأمين أن "روح التفاني والتعاون التي سادت الشعب السوداني في أعقاب الثورة، تجسدت بشكل أكبر في جهود التصدي لفيروس كورونا، حيث انخرط الشباب في أعمال مثل تجهيز الألبسة الواقية للكوادر الطبية، وتزويد المستشفيات بالمعقمات وأدوات التنظيف وغيرها من الأنشطة".
رسائل مطمئنة
وبعث عدد من المصابين الذين يتلقون العلاج في مراكز العزل بالخرطوم، رسائل مطمئنة عن المجهودات الكبيرة التي تقوم بها فرق الرعاية الصحية في ظل هذه الظروف الصعبة.
وبدا موظف الأمم المتحدة الإسباني مانويل مارتينيز، مرتاحا للغاية وهو يخرج من من مركز "جبرة" للطوارئ جنوبي الخرطوم، بعد نحو 12 يوما قضاها هناك للعلاج من فيروس كورونا.
وقال مارتينيز البالغ من العمر 47 عاما لوكالة السودان للأنباء الرسمية، إنه "تمكن من التغلب على المخاوف التي انتابته خلال الساعات الأولى من تأكيد إصابته"، مشيرا إلى أنه "وجد رعاية طبية وإنسانية متميزة من الطاقم الطبي في المركز".
وانتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لرجل سوداني في الخمسينيات من عمره، يتحدث فيه بروح معنوية عالية عن العناية الممتازة التي يحصل عليها في أحد مراكز العزل في الخرطوم.
skynews
مواضيع: