الإفلاس في منتصف معركة "كورونا"... ماذا يعني إيقاف ترامب تمويل منظمة الصحة العالمية؟ 

  16 ابريل 2020    قرأ 894
الإفلاس في منتصف معركة "كورونا"... ماذا يعني إيقاف ترامب تمويل منظمة الصحة العالمية؟ 

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستوقف تمويلها لمنظمة الصحة العالمية، وهو قرار سيكون له آثار كبيرة على الاستجابة الصحية العالمية لوباء "كوفيد 19".
يتهم ترامب المنظمة بسوء التعامل والتغطية على الانتشار الأولي لـ"كوفيد 19" في الصين، والفشل بشكل عام في اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الصين. 

 

تقدم الولايات المتحدة، أكبر جهة مانحة، لمنظمة الصحة العالمية أكثر من 400 مليون دولار أمريكي سنويًا، على الرغم من أن عليه متأخرات تصل 200 مليون دولار للمنظمة. لكن ماذا يعني قرار ترامب إيقاف تمويل المنظمة؟

ما الذي تفعله منظمة الصحة العالمية؟ 
تأسست منظمة الصحة العالمية كهيئة صحية عالمية تابعة للأمم المتحدة في عام 1948 في أعقاب الحرب العالمية الثانية بتفويض لتعزيز الصحة العالمية والحماية من الأمراض المعدية وخدمة الضعفاء.

استُلهمت فكرة تأسيسها من المؤتمرات الصحية الدولية في القرن التاسع عشر التي أنشئت لمكافحة الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحمى الصفراء والطاعون.

برنامجها الحالي يسعى إلى إيصال الرعاية الصحية الشاملة إلى مليار شخص إضافي، وحماية مليار آخر من حالات الطوارئ الصحية وتحسين صحة وعافية مليار شخص آخرين. 

من الناحية العملية، تعمل منظمة الصحة العالمية التي تعاني نقصا كبيرا في التمويل، كمركز لتبادل المعلومات والبيانات والتوصيات الفنية بشأن تهديدات الأمراض الناشئة مثل الفيروسات التاجية والإيبولا. 

كما تدعم المنظمة -التي بلغت ميزانيتها 4.8 مليار دولار في عام 2018، وأصبحت 5.7 مليار دولار عند إدراج حالات الطوارئ- القضاء على الأمراض الموجودة مثل الملاريا وشلل الأطفال وتعزز الصحة العامة العالمية.

من يراقب عمل المنظمة؟ وكيف تموَّل؟
يمكن لمختلف منظمات المجتمع المدني والصناعي والمنظمات الدينية مراقبة اجتماعات منظمة الصحة العالمية، لكن يُسمح للبلدان فقط بأن تصبح أعضاء فيها. 

وكل شهر، تشارك الدول الأعضاء في جمعية الصحة العالمية بجنيف لتحديد اتجاه سياسة المنظمة والموافقة على الميزانية ومراجعة عمل المنظمة.

يوجد حاليا 194 دولة عضو في منظمة الصحة العالمية، ما يعني أن عدد الدول الأعضاء في المنظمة يزيد بدولة واحدة عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

تتلقى منظمة الصحة العالمية معظم تمويلها من مصدرين أساسيين؛ الأول هو رسوم العضوية من البلدان، والتي توصف بأنها "اشتراكات مقدرة".

ويتم احتساب الاشتراكات المقدّرة على أساس الناتج المحلي الإجمالي وحجم السكان، لكن لم تزيد قيمتها الحقيقية منذ أن تم تجميد مستوى المدفوعات في الثمانينيات.

والمصدر الثاني للتمويل هو المساهمات الطوعية من قبل الحكومات والمنظمات الخيرية أو التبرعات الخاصة، وعادة ما يتم تخصيص هذه المساهمات لمشاريع أو مبادرات محددة، مما يعني أن منظمة الصحة العالمية لديها قدرة أقل على إعادة تخصيصها في حالة الطوارئ مثل جائحة "كوفيد 19".

ماذا يحدث إذا أوقفت واشنطن التمويل؟
يقول آدم سكوت، الأستاذ المشارك في مركز دراسات الأمن الدولي بجامعة سيدني الأسترالية: "قد يتسبب الموافقة على قرار وقف التمويل، في إفلاس منظمة الصحة العالمية في منتصف معركتها مع الوباء".

ويضيف سكوت: "وقد يعني أيضا أن على منظمة الصحة العالمية تسريح بعض موظفيها، حتى في الوقت الذي تحاول فيه مساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على إنقاذ الأرواح". 

ويلفت سكوت، الحاصل على درجة الدكتوراه في إدارة منظمة الصحة العالمية لتفشي السارس عام 2003، إلى أن القرار:

"يعني أيضا أن تكون أن منظمة الصحة العالمية أقل قدرة على تنسيق الجهود الدولية حول قضايا مثل أبحاث اللقاحات، وشراء معدات الحماية الشخصية للعاملين الصحيين، وتقديم المساعدة الفنية والخبراء لمساعدة البلدان على مكافحة الوباء".
وعلى نطاق أوسع، إذا قامت الولايات المتحدة بتمديد هذه التخفيضات لمبادرات صحية عالمية أخرى تنسقها منظمة الصحة العالمية، فمن المحتمل أن يتسبب ذلك في فقدان بعض البلدان منخفضة الدخل القدرة على الحصول على الأدوية الحيوية والخدمات الصحية، ما يؤدي في النهاية إلى خسائر في الأرواح، بحسب سكوت. 

فحتى قبل إعلان ترامب، كانت المنظمة تبحث تخفيضات محتملة للبرامج التي تعاني من نقص التمويل بالفعل. ويمكن الشعور بهذه التأثيرات في البرامج المعقدة بالفعل بسبب فيروس كورونا، مثل التطعيم ضد الأمراض المعدية وبناء أنظمة الإنذار المبكر والمرونة للتعامل مع أمراض مثل الإيبولا في البلدان الأفريقية.

تصف ديفي سريدهار، رئيس الصحة العامة العالمية في جامعة أدنبره، قرار ترامب بأنه إشكالي للغاية، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية تقود الجهود لمساعدة البلدان النامية على مكافحة انتشار"كوفيد 19". 

وتضيف: "هذه هي المنظمة التي تبحث تفشي الفيروس عن بلدان أخرى وتقود الجهود لوقف الوباء. هذا هو بالضبط الوقت الذي يحتاجون فيه إلى المزيد من التمويل، وليس أقل".

ويهدد اعتداء ترامب على موثوقية بيانات منظمة الصحة العالمية وأنظمة الإنذار المبكر، في متابعة جدول أعماله ضد الصين، دورها القيادي. 

هل ترامب محق في اتهامه؟ 
ينتقد ترامب منظمة الصحة العالمية لعدم تصرفها بسرعة كافية لإرسال خبراءها لتقييم جهود الصين لاحتواء "كوفيد 19" واستدعاء افتقار الصين للشفافية في تعاملها مع المرحلة الأولى من الأزمة.

لكن ادعاء ترامب ومؤيديه بأن منظمة الصحة العالمية كانت بطيئة في التحذير من خطر انتقال العدوى من شخص لآخر، وأنها فشلت في فحص الشفافية الصينية في وقت مبكر، لا تؤكده الأدلة إلى حد كبير. 

فقد حذر التوجيه الفني لمنظمة الصحة العالمية، الذي صدر في أوائل يناير/ كانون الثاني، من خطر انتقال العدوى من شخص لآخر، وأعلنت المنظمة أن الفيروس التاجي هو حالة طوارئ للصحة العامة تثير قلقا دوليًا قبل يوم واحد من إعلان ترامب حظره الجزئي على الرحلات الجوية من الصين.

كما أن هذه الانتقادات تتجاهل سيادة الصين، إذ لا تتمتع منظمة الصحة العالمية بالسلطة لإجبار الدول الأعضاء على قبول فريق من خبراء منظمة الصحة العالمية لإجراء التقييم. ويجب على الدولة طلب مساعدة منظمة الصحة العالمية.

ولا تمتلك المنظمة القوة لإجبار الدولة على مشاركة أي معلومات. يمكنها فقط أن تطلب، كما تتجاهل تعليقات ترامب أيضا حقيقة أن منظمة الصحة العالمية أرسلت في النهاية فريقا من الخبراء لإجراء تقييم في منتصف فبراير بعد حصولها على موافقة بكين. وقدمت نتائج هذا التحقيق معلومات مهمة حول الفيروس وجهود الصين لوقف انتشاره.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة