ورغم أن حصيلة المصابين بكورونا باتت تناهز 3 ملايين شخص حول العالم، تستعدّ حكومات دول عدة، بينها فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، لتخفيف جزئي للقيود المشددة التي أجبرت نصف البشر على التزام منازلهم لأسابيع.
وفي مؤشر لافت، عاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى مقر رئاسة الحكومة في لندن، بعد شهر من إصابته بالفيروس ودخوله المستشفى، ولاحقاً العناية المركزة.
واستفادت العائلات الإسبانية من قواعد جديدة تُتيح للأطفال الخروج للمرّة الأولى منذ 14 مارس(أذار) الماضي، وشوهد أطفال يلهون على دراجات هوائية في شوارع مدريد، وارتدى بعضهم أقنعة، وقفازات.
وقالت إنماكولادا باريديس وهي تصطحب طفليها، 4 و7 أعوام : "إنهما متحمّسان للغاية ولا يمكنهما الصبر، استيقظا منذ الـ 06:30 صباحاً مرددين: سنخرج سنخرج".
وقال ريكاردو، 6 أعوام إن "الخروج من المنزل أمر جيد جداً"، متحدثاً عن مغامرته مع شقيقته الأصغر في المدينة.
وبموجب القواعد الجديدة، يُسمح للأطفال بالخروج مرّةً في اليوم بين الـ 09:00 و21:00، لكن لا يمكنهم الابتعاد أكثر من كيلومتر واحد عن منازلهم.
وبدأ تطبيق القواعد الجديدة بينما تراجع عدد الوفيات في البلد الذي كان بين الأكثر تأثراً بالفيروس، إلى 288 أمس الأحد، وهي الحصيلة الأقل منذ 30 مارس(أذار) الماضي.
وسجّلت إسبانيا أكثر من 23 ألف وفاة بالفيروس لتحل في المرتبة الثالثة عالمياً بعد إيطاليا بأكثر من 26 ألف، والولايات المتحدة بـ 53 ألف وفاة، ويُذكر أنّ الترتيب مبنيّ على الأعداد المطلقة للوفيات، دون احتساب نسبتهم مقارنة مع عدد السكان.
وفي نيويورك، قال حاكم الولاية أندرو كومو إنه يُحتمل استئناف بعض الأنشطة الصناعية وورش البناء بعد 15 مايو(أيار) المقبل، بدايةً بشمال الولاية وليس في مدينة نيويورك.
وبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ حول العالم أكثر من مليونين و900 ألف أمس، بينما تخطّى عدد الوفيّات 204 آلاف، أكثر من نصفهم في أوروبا.
ويبدو أنّ الحصيلة اليوميّة للوفيات في الدول الغربية بدأت تستقر بل وتتراجع في الدول الأكثر تأثّراً بالوباء، إذ بدأت الأعداد الصادرة من إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا تستقر في الأيام الأخيرة.
ومن جهتها، تخطط الحكومات لتخفيف تدريجي لتدابير الإغلاق لمنع العودة المفاجئة لمظاهر الحياة الطبيعية وبالتالي تفشي الفيروس مجدداً، وسط تأكيد منظمة الصحة العالمية أن أجسام المتعافين قد لا تكون طورّت مناعة تمنع إصابتهم مجدداً.
وبدأت دول أخرى في أوروبا تضررت بشدة من الفيروس في النظر في إمكان عودة حذرة لمظاهر الحياة الطبيعية.
وذكرت السلطات الإيطالية التي 260 وفاة جديدة أمس في أدنى حصيلة منذ 14 مارس(أذار) الماضي، أن المدارس ستعاود فتح أبوابها في سبتمبر(أيلول) المقبل، بينما يمكن للعديد من الأعمال التجارية استئناف نشاطها في الأسبوع المقبل، وينتظر أن تكشف السلطات الفرنسية غداً الثلاثاء خططها في هذا الشأن.
وفي بريطانيا، أين توفي أكثر من 20 ألف شخص بالوباء، تقاوم الحكومة الدعوات لتخفيف القيود المفروضة في أنحاء البلاد رغم تسجيلها أمس أقل حصيلة يومية للوفيات منذ 31 مارس(أذار) الماضي بـ413 وفاة جديدة.
ومن جهتها أعلنت السعودية رفع حظر التجول لمدة 24 ساعة جزئياً وستسمح للمراكز التجارية والمحال بفتح أبوابها لساعات محددة، لكن مع استمرار إغلاق مدينة مكة المكرمة على مدار الساعة.
وانضم المسلمون في السعودية بذلك إلى مئات الملايين من أقرانهم حول العالم الذين أحيوا اليوم الثاني من شهر رمضان في بيوتهم متجنبين التجمعات العائلية التقليدية على مائدة الإفطار، تطبيقاً لإجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة.
وسمحت سلطات ولاية جورجيا الأمريكية لآلاف الأعمال التجارية باستئناف نشاطاتها، بدءاً بمصففي الشعر وبصالات لعب البولينغ، رافضة نصائح كبار خبراء الأوبئة.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراراً رغبته في استئناف النشاطات التجارية في أكبر اقتصاد في العالم، حتّى مع تحذير المستشارين الصحيين من خطورة تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل مبكر أو متسرع أكثر مما ينبغي.
وواجه الرئيس الأمريكي موجة جديدة من الانتقادات، بعد أن أشار إلى أنه يمكن علاج الفيروس بتسليط الضوء فوق البنفسجي داخل أجسام المرضى، أو بحقنهم بمطهر منزلي.
وانتقد ترامب وسائل الإعلام واتهم صحافيين بطرح أسئلة معادية، ملمحاً إلى أن إحاطاته اليومية عن الوباء لا تستحق وقته.
وفي حين يبدو أن الإصابات الجديدة استقرت عند نحو 80 ألف في اليوم، لا يزال العالم يترقّب، بينما تتسابق الشركات والحكومات لتطوير العلاجات ولاحقاً لقاحاً ضد الفيروس.
وتدرس بعض الحكومات تدابير مثل "جوازات المناعة" لإعادة السكان إلى العمل بعد أسابيع من الإغلاق الذي ضرب الاقتصاد العالمي.
وقال لوثار كوب، أحد سكان برلين: "إذا كنت أصبت بالفعل بكورونا، فأنا لست معدياً"، مبدياً أمله في أن تكون نتيجة اختبار الأجسام المضادّة إيجابية، لأنها قد تسمح له بزيارة والدته المسنّة.
ولكن منظمة الصحة العالمية قالت إن المتعافين من الفيروس لا يمكن لهم أن يكونوا متأكدين من أنهم لن يصابوا به مجدداً، وقالت في بيان: "لا يوجد حالياً أي دليل على أن المتعافين من كورونا ولديهم أجسام مضادة محميون من إصابة ثانية".
وتخطط دول عدة بينها فرنسا وألمانيا لاستخدام تطبيقات تعقّب، تبلغ المستخدمين إذا كانوا قرب شخص تأكدت إصابته بكورونا الجديد.
وبدأ استخدام التكنولوجيا في أستراليا، وأثارت القلق على الخصوصية، كما استخدمتها سنغافورة على نطاق واسع.
وفي غضون ذلك أقرت في بكين مجموعة جديدة من التدابير لمكافحة الوباء تحظر السلوك "غير المتحضر" مثل عدم تغطية الفم، والأنف عند السعال أو العطس.
مواضيع: