الآثار المصرية: عمال مصر القديمة لم يعرفوا "السخرة"

  02 ماي 2020    قرأ 1092
الآثار المصرية: عمال مصر القديمة لم يعرفوا "السخرة"

قال أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية، الدكتور مصطفى وزيري إن عمال مصر القديمة " لم يعرفوا السخرة" أو "العبودية" وأن مقابر عمال "بناة الأهرام" التي اكتشفها عالم المصريات الكبير الدكتور زاهي حواس، بهضبة الجيزة، تؤكد أن من بنى الأهرامات عمال مصريون.

وأضاف وزيري، أن العمال المصريين، كانوا يحظون بنظام صحي متقدم قبيل آلاف السنين، وأن بعض الرفات التي عُثر عليها تشير إلى حدوث إصابات عمل وعلاجها، وأن بعض العمال خضعوا لعمليات جراحية لعلاج الكسور.

وأشار في تصريحات بمناسبة احتفالات العالم بعيد العمال الذي يحل في أول مايو (آيار) من كل عام، إلى أنه بجوار مقابر بناة الأهرام، تم الكشف عن المدينة السكنية التي عاشوا فيها، وعُثر في هذه المدينة علي أكثر من مخبز لإمداد العمال بالخبز، وكذلك العديد من الإطباق الفخارية وبقايا كثيرة لأسماك مختلفة الأنواع منها  "سمك قشر البياض" والذي كان يعد من الأطعمة المفضلة للطبقة الغنية آنذاك.

ولفت إلى أنه عثر على الكثير من العظام الحيوانية لخراف وعجول وماعز، وتبين من خلال فحص هذه العظام أن هذه الحيوانات قد ذُبحت في عمرٍ صغير،ٍ وهذا يدل علي أن هؤلاء العمال تلقوا نظاماً غذائياً مميزاً.

وأكد  وزيري على وجود الكثير من النصوص التاريخية، التي تؤكد أن مصر القديمة عرفت  تكريم العمال قبل أربعة آلاف عام، مشيراً  إلى أن أقدم تلك النصوص ما جاء في  نص  من عصر الدولة القديمة لصاحب مقبرة خاطب  العمال مشيدي مقبرته بالقول "لن يندم أبداً كل من ساهم في بنائها، سواء كان فناناً، أو قاطع أحجار، لقد أعطيت كل شخص مكافأته".

وعرفت مصر القديمة، بحسب وزيري ، عدداً غير قليلٍ من المدن العمالية، وأن من أهم هذه المدن علي الإطلاق هي "مدينة الحق" أو "مدينة العدالة" والتي تُعرف حالياً باسم  "دير المدينة"،  وتقع في جبانة طيبة بالبر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر.

ولفت إلى أنه في هذه المدينة سكن العمال والفنانين الذين شيدوا وبنوا وزخرفوا مقابر ملوك وملكات  الدولة الحديثة، في منطقتي وادي الملوك ووادي الملكات الأثريتين الشهيرتين في الأقصر.

وأوضح أن أقدم قرية للعمال شُيدت بدير المدينة في عهد الملك تحتمس الأول،  الذي عثر علي اسمه على قوالب من الطوب اللبن، في السور الذي أحاط بأول قرية عمالية.

 لكن، وبحسب وزيري ، فإنه يُنسب للملك أمنحتب الأول، انه أول من فكر في تكوين طائفة خاصة من العمال والفنانين بدير المدينة، وأنه خصص لهم قرية تتكون من 70 بيتاً، وأن هؤلاء العمال اشتهروا في التاريخ المصري بـ "عمال دير المدينة" .

ويقول وزيري إن  أوراق البردي و قطع الأوستراكا التي كان يستخدمها العمال لكتابة يومياتهم تشير إلى أن هؤلاء العمال نالوا مكانة كبيرة إذ كانوا يعملون تحت سلطة "وزير" يتم تكليفه من قبل الملك  بتوفير الأدوات اللازمة لإنجاز الأعمال، وكذا إمدادهم بالمواد الغذائية.

وأشار إلى أن العمال كانوا يقسمون لـمجموعات ولكل مجموعة قائد يُعرف بـ " كبير الفرقة "، أو "قائد المجموعة"، وهو الذي يقوم بتوزيع الأعمال علي العمال، وكان له  نائب يشرف علي توزيع الأجور ويوجد  "الكاتب" الذي كان يقوم بتسجيل العمل المنفذ في المقبرة الملكية، ويوزع مواد وأدوات البناء ويسجل المتغيبين عن العمل.

ورأى وزيري أن المَهَرة من العمال والصُناع والفنانين والمثاليين والنحاتين، شيدوا قبيل آلاف السنين روائع الفنون والعمارة القديمة، وتركوا معالم وأثار أعظم حضارات العالم القديم، ولعل أشهر وأعظم ما شيده العمال المصريون القدماء، هي الأهرامات التي لا تمثل "بيوت الأبدية" لأشهر ملوك العالم القديم فقط ، بل تمثل  أيضاً مشروع مصر القومي في هذا الوقت، حيث كانت العائلات في مصر ترسل أبناءها للمشاركة في إتمام هذه المشروعات، وترسل العائلات الغنية الطعام واللحوم كالعجول والخراف والماعز، لمساعدة  السلطة المركزية في انجاز مشروعاتها، وفي المقابل يُعفَونَ من دفع الضرائب.

ولفت وزيري إلى أن الحكومة المركزية كانت تمد هؤلاء العمال وأسرهم بمواد غذائية تُصرف لهم شهرياً من المخازن الملكية، كالقمح والشعير والأسماك والخضروات وغيرها، وأحياناً يُمنحون الجعة والبلح واللحوم وملح النطرون، والنحاس وقطع من القماش، كحافز تشجيعي من الملك.

24ae


مواضيع:


الأخبار الأخيرة