وبحسب تقرير لوكالة "رويترز"، خرجت الدولتان خاليتي الوفاض، ومعهما السودان، من مفاوضات مضنية امتدت لما يقرب من عقد دون التوصل لاتفاق يحدد معالم طريقة تشغيل السد وملء خزانه.
ويعتقد محللون أن الفشل في إبرام اتفاق قبل البدء في عملية الملء قد يزيد تدهور العلاقات ويطيل أمد الخلاف لسنوات، رغم أنه من غير المرجح تعرض مصر لنقص خطير وفوري في المياه بسبب تشغيل السد قبل الاتفاق.
وقال وليام ديفيسون المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية إن
هناك تهديد يتمثل في تدهور العلاقات بين إثيوبيا ودولتي المصب، ومن ثم زيادة الاضطرابات الإقليمية.
المخاطر كبيرة بالنسبة لمصر التي تمتد بها الأراضي الصحراوية، لأنها تحصل على نحو 90% تقريبًا من مياهها العذبة من نهر النيل.
لكن الإصرار الإثيوبي على استغلال الأمطار الموسمية في بدء تعبئة خزان السد، الشهر المقبل، دفع مصر للجوء إلى مجلس الأمن الدولي كخطوة دبلوماسية أخيرة.
وأبلغت أديس أبابا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في رسالة، هذا الأسبوع، أنها "عازمة على المساعدة في انتشال شعبنا من الفقر المدقع".
وكررت الرسالة اتهامات بأن مصر تحاول استبقاء المزايا التاريخية لها في نهر النيل وتضييق الخناق على مساعي إثيوبيا لإقامة مشروعات مستقبلية على المنبع.
وأضافت أن إثيوبيا تقبلت المطالب المصرية للسماح للمحادثات الأخيرة بالمضي قدما قبل أن تقوم القاهرة بالتصعيد دون داع بعرض القضية على مجلس الأمن.
وتقول مصر إن تركيزها ينصب على ضمان اتفاق عادل يقتصر على سد النهضة، وإن حديث إثيوبيا عن تصحيح مظالم الحقبة الاستعمارية هو خدعة تهدف إلى صرف الانتباه عن محاولة فرض أمر واقع على جارتيها.
وتتهم كل منهما الأخرى بمحاولة إفساد المحادثات وعرقلة إجراء دراسات مستقلة حول تأثيرات السد. وطلبت مصر العام الماضي وساطة أمريكية أفضت إلى محادثات استمرت أربعة أشهر في واشنطن وانهارت في فبراير شباط الماضي.
قال مسؤول مصري إن اللجوء إلى الوساطة الخارجية جاء بعد أن ظل الجانبان "يدوران في حلقات مفرغة لسنوات". وأضاف أن هذه المواجهة فرصة للمجتمع الدولي كي يضطلع بدور القيادة في قضية المياه ويساعد في الوساطة في اتفاق "يمكن أن يفتح الكثير من آفاق التعاون".
ويرى السودان، من جانبه، فوائد من السد في تنظيم مياه النيل الأزرق، لكنه يريد ضمانات بشأن تشغيله بشكل آمن وملائم. ويسعى السودان، مثله مثل مصر، إلى اتفاق ملزم قبل بدء الملء.
قال ديفيسون إن
التنازلات الفنية لا تزال ممكنة، ولكن "ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن إثيوبيا سترضخ للضغوط الدولية المتزايدة".
وأضاف: "نحن بحاجة لتجنب التصعيد الدبلوماسي، وبدلا من ذلك يتعين على الأطراف الجلوس مرة أخرى إلى الطاولة ومواصلة المحادثات حتى التوصل لاتفاق".
من جانبه شدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي مع نظيره الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، الخميس، على ضرورة بلورة اتفاق شامل بين كافة الأطراف المعنية حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
كما أكد السيسي لرامافوزا على رفض بلاده الإجراءات المنفردة أحادية الجانب التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل.
فيما قال وزير الخارجية الإثيوبي، جيدو أندارجاشيو، الجمعة، إن بلاده تعتزم البدء في ملء بحيرة سد النهضة حتى دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان في هذا الشأن.
وأعرب أندارجاشيو عن أمل بلاده في التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، مضيفا في المقابل فإن "إصرار" مصر على التحكم في تدفق المياه صعب، وقال: "لن نسمح بذلك مع مصدر المياه الخاص بنا".
هذا وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخميس، أن الحوار بين مصر والسودان وإثيوبيا، هو السبيل الوحيد لتجاوز أزمة سد النهضة.
ورغم التدهور الواضح في المحادثات والخطاب المتبادل بين الطرفين، قال غوتيريش إن
المشاورات الثلاثية بشأن سد النهضة لا تزال تمضي وتحظى بدعم الأمم المتحدة.
من جانبها، نقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر مطلعة قولها، إن مجلس الأمن الدولي، يعقد يوم الاثنين المقبل، جلسة خاصة حول أزمة سد النهضة، وإنه تم الاتفاق على عقد الجلسة بين وفدي الولايات المتحدة وفرنسا لدى المجلس.
مواضيع: