دمار واسع في أثيوبيا بسبب الاحتجاجات العرقية

  16 يوليو 2020    قرأ 750
دمار واسع في أثيوبيا بسبب الاحتجاجات العرقية

لم يكن أمام غيرما، من خيار سوى أن يراقب من بعيد حشداً من الناس يهتفون: "هذا المكان لنا" فيما كانوا يضرمون النار في مدرسة أسسها قبل عقد من الزمن في شاشاميني بمنطقة أوروميا في إثيوبيا.

ورغم أنه عاش طيلة حياته في شاشاميني، البلدة السريعة النمو في منطقة أوروميا، إلا أن والديه لم يكونا من إثنية أورومو، الأكبر في البلاد، وكثيراً ما عد دخيلاً.

ولو حاول التدخل لإنقاذ مدرسته من شبان الأورومو العازمين على تدميرها، لقتل كما يعتقد.

وقال غيرما، الذي طلب حجب اسمه بالكامل: "إذا تركتهم يفعلون ما يريدون، لا يمسونك. لكن إذا حاولت إنقاذ بيتك، وممتلكاتك، فسيأتون إليك".

والاضطرابات التي حولت المدرسة إلى أنقاض متفحمة، كان سببها مقتل هاشالو هونديسا، المغني الشعبي الذي يعتبره الكثير من أفراد أورومو، صوتاً عبر عن معاناتهم من التهميش السياسي والاقتصادي.

وفي الأيام التي تلت مقتله قبل أسبوعين لقي ما بين 179 و239 شخصاً مصرعهم، وفق أرقام رسمية متضاربة، في العنف العرقي، أو بسبب استخدام الشرطة والجنود، القوة القاتلة ضد المتظاهرين.

ولكن الأرقام لا تعطي صورة كاملة للخراب في أماكن مثل شاشاميني، إذ تعرضت مئات المنازل، والمدارس، والفنادق، وأنشطة تجارية أخرى أصحابها من الأورومو، للتدمير على أيدي مثيري شغب.

ودمرت ممتلكات أخرى، وفق تقارير، في بلدات في أنحاء منطقة أوروميا، المحيطة بالعاصمة أديس أبابا.

وقالت ليتيشا بادر، من منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "ابحاثنا حتى الآن تشير إلى أن الأضرار التي لحقت بالممتلكات، أسوأ مما حصل في موجات اضطرابات سابقة".

أما المتضررين من غير الأورومو، فإن الدمار يعني أنهم ربما لن يلقوا ترحيباً في أماكن اعتبروها ديارهم.

وقالت الماظ مورغان تشابمان، صاحبة فندق في شاشاماني دمر في أعمال العنف: "مع هذه الاستراتيجية التي يعتمدونها بحرق أماكن رئيسية، لا أعلم إذا كانوا يريدون أن يعود الناس".

تعرف شاشاميني بأنها تضم عدداً كبيراً من أتباع الديانة الرستفارية. لكن البلدة هي أيضاً مركز تبادل تجاري في منطقة الوادي المتصدع الإثيوبية، ما يعني أن هناك الكثير من الممتلكات القيمة لمهاجمتها.

على طريق رئيسي يؤدي إلى البلدة، نهبت متاجر وأحرقت، وكُسرت واجهاتها وتغطت ممراتها بحطام معدني.

وعلى جوانب الطرق انتشرت هياكل السيارات المحترقة، وبينها خمس شاحنات لنقل المشروبات الغازية انتشرت حولها القناني الزجاجية المكسرة.

وعلى جدار مبنى يضم شركة تأمين تعرض للنهب، كتبت عبارة "حياة الأورومو مهمة".

ومع ذلك فإن بعض المباني، مدرسة هنا ومطعم هناك، لم تصب بخدش، وقال عدد من أهالي المنطقة لوكالة فرانس برس، أن غالبيتها مملوكة لأورومو.

وتشابمان، وهي من ترينيداد وتوباغو أسست فندق ليلي اوف ذا فالي "زنبقة الوادي" الذي يضم 28 غرفة قبل 15 عاماً، قالت إن مجموعة من مثيري الشغب أضرمت النار في الفندق بعد ساعات على الأنباء التي أفادت بمقبل هاشالو، ما أجبرها على مغادرة المجمع بملابس النوم.

وقالت إن فندقاً مجاوراً يملكه أفراد من عرقية الأمهرة، تعرض للنهب أيضا، لكن فندقاً ثالثاً أصحابه أورومو لم يتعرض لأذى.

وقال وليام ديفسون من مجموعة الأزمات الدولية، إن "هذه الهجمات على ممتلكات يملكها أشخاص من غير الأورومو، مع الأسف ليست سوى الموجة الأخيرة من العنف الإثني في إثيوبيا، إذ كثيرا ما يكون الاستقطاب السياسي على أسس عرقية".

ولم يتضح عدد الذين قتلوا وجرحوا في أعمال العنف في شاشاميني.

ولم تقدم الحكومة حصيلة للقتلى وفقا للمناطق الجغرافية، كما لم تعلن عدد القتلى في العنف العرقي، أو على أيدي قوات الأمن.

وبعض المصابين في شاشاميني الذين عولجوا في هاوسا المجاورة، أصيبوا بنيران قوات الأمن، فيما أصيب آخرون بـ"العصي والحجارة" التي أحيانا ما تستخدم في هجمات عرقية، وفق الطبيب زيناو سيرنيسو، رئيس مستشفى هاوسا ريفيرال.

ومهما كانت الأعداد، فمن الواضح أن العلاقات بين المجموعات الإثنية تتدهور.

وفي ذروة العنف شحذ شبان في شاشاميني، سواطيراً على طرق مرصوفة بالحجارة، محدثين أصواتا لتخويف غير الأورومو، وفق سيدة من الأهالي طلبت كتم هويتها خوفا على سلامتها.

وفيما كان الناطقون بلغة أفان، أورومو فقط لا يخشون الخروج "مضت 3 أيام قبل أن نبدأ في سماع الأمهرية مجدداً في الشارع" وفق السيدة.

وقال شهود عيان إن العديد من الأورومو دافعوا عن جيرانهم من غير الأورومو، وحاولوا منع تدمير منازلهم وأنشطتهم التجارية.

وقال مواطن من الأورومو طلب أيضا حجب هويته، لوكالة فرانس برس إنه استقبل عائلة من الغُراجي العرقية تقيم في الجوار، مضيفاً بأنه يشعر "بالإحراج مما حدث" في شاشاميني.

وقال: "من المحزن جدا لي كأثيوبي أن أعيش في هذا الوقت وأفكر في الإثنية، فيما علينا التركيز على مستويات الفقر التي تعد الأسوأ على الإطلاق".

وأضاف "ليس عندنا شيء ودمرنا كل ما نملك".

ورغم مظاهر التضامن هذه، إلا أن العديد من أصحاب الأعمال من غير الأورومو قالوا إنهم يفكرون في الرحيل.

وقالت سيدة إن اثنين من موظفيها من منطقة أمهرة، حزما حقائبهما وغادرا، بعد 6 أعوام في شاشاميني.

وقالت ليتيشا بادر من هيومن رايتس ووتش، إن على الحكومة أن تضع في أولوياتها "محاكمات موثوقة ودفع تعويضات" لمنع تكرار أعمال عنف مشابهة.

وقالت تشابمان صاحبة الفندق، إنها ستبقى في المنطقة لترى إذا كانت الحكومة ستعوض لها ما خسرته، لكنها لا تعتزم إعادة فتح الفندق.

وأكدت "لا زلت أحب إثيوبيا، لكن فيما يتعلق بمزاولة العمل، قضي الأمر. لقد تقاعدت" مضيفة "الأورومو جعلوني أتقاعد".


مواضيع:


الأخبار الأخيرة