تستمر عمليات البحث عن ضحايا تفجير بيروت أو ما يعرف بـ"مستودع المتفجرات" في العنبر رقم 12 بالمرفأ، إنه "المربع صفر" أو ما يعرف بنقطة التفجير الحقيقية التي انخفضت من فوق الأرض إلى عمق 45 متراً تحت مياه البحر، بفعل قوة الانفجار التي تعادل نحو 20% من قوة انفجار القنبلة الذرية في مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945.
وخرج أمس الجمعة زعيم ميليشيات حزب الله معلناً أن لا علاقة لحزبه بمادة "نترات الأمونيوم" الموجودة في المرفأ، والتي اعتبرت المسبب الرئيسي للانفجار، وجرب وضع ما أمكنه من مسببات ليبعد جماعته عن التهمة بتحويل مرفأ بيروت إلى ممر لكل ما يخطر على البال من أسلحة وبضائع فاسدة ومخدرات وتهريبات.
ولكن رغم محاولاته التهرب من المسؤولية عن المواد التفجيرية، والتملص من إعلان حقيقة دور الميليشيات، والقول إنها لم تكن تعلم أي شيء يتعلق بمرفأ بيروت، إلا أن مصادر أمنية في بيروت أعادت توجيه أصابع الاتهام إلى "حزب الله" بالتذكير بسلسلة أحداث تثبت سيطرته على المرفأ وتحويله إلى مركز لعملياته ومخازنه، تحت غطاء مؤسسة "جهاد البناء" التي تعتبر أبرز أدوات الحزب العاملة على الأرض تحت اسم الإعمار.
وبحسب المصادر، في صيف عام 2006 وبعد انتهاء الحرب بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، فرضت الميليشيات على الحكومة اللبنانية السماح لـ"جهاد البناء" بإدخال المواد الأولية لإعادة البناء والمساعدات من الخارج عبر مرفأ بيروت ومطارها من دون تفتيش وبلا دفع للضرائب، ونفذ القرار تحت اسم "حالة طارئة ولمدة محدودة".
ولكن كالعادة في لبنان ومع حزب الله تحديداً، يتحول "الطارئ والمحدود" إلى ثابت ودائم، وبدل أن تتوقف عمليات نقل البناء بعد أشهر كما كان متفق عليه، انتقل مسؤولين من حزب الله إلى مرفأ بيروت واستولوا على عدد من العنابر، منها عنبر "مستودع" رقم 12 الذي تفجر، وعنبرا رقم 9 و5، وبدأت الميليشيات باستيراد كل شيء وإخراجه من المرفأ من دون رقابة أمنية أو ضرائبية، ليتحول هذا الممر الحيوي إلى "كنز" للربح المادي عدا عن تهريب الممنوعات والسلاح.
وأكدت المصادر أن المسؤولين في حزب الله اتفقوا مع عدد من التجار لإدخال تجارتهم عبر المرفأ تحت اسم "جهاد البناء" ومن دون دفع رسوم جمركية، على أن تقبض الميليشيات نصف ما تأخذه مؤسسات الدولة اللبنانية من ضرائب من هؤلاء التجار، وهو ما أدى إلى انخفاض المداخيل الرسمية للمرفأ إلى نحو النصف.
ولفتت إلى أن سطوة حزب الله على المرفأ وإدارته على كل مرافق الدولة اللبنانية، سمحت له بإدخال سفينة المواد المتفجرة المتجهة إلى الموزمبيق، تحت عنوان "حالة طارئة" بسبب مشاكل تقنية تحتاج للإصلاح، رغم أن طريقها لم يكن من لبنان وعبرت من مرافئ أقرب لها في تركيا وقبرص، وهناك أدخلت المواد إلى العنبر رقم 12 لتستعملها الميليشيات كحشوات للصواريخ بعد "طبخها" مع مواد أخرى.
ونبهت المصادر إلى أن هذه الكمية من المواد وبعد إدخالها إلى لبنان لم تطالب بها الشركة المالكة لها في موزمبيق، بل تناساها أصحابها ومنهم أحد الشركاء اللبنانيين المقرب لحزب الله، فيما تركت السفينة التي كانت تحملها من دون أن يتقدم أصحابها لسحبها من مرفأ بيروت، لتختفي لاحقاً كما يختفي الكثير من الأشياء في لبنان.
24ae
مواضيع: