"الحراك" انتفاضة شعبية سلمية غير مسبوقة في الجزائر ضد النظام

  07 سبتمبر 2020    قرأ 853
   "الحراك" انتفاضة شعبية سلمية غير مسبوقة في الجزائر ضد النظام

لكن هذه الحركة المتعددة الأوجه، بدون قيادة معينة، تعاني من انقساماتها الخاصة بين التقدميين والمحافظين وبين العلمانيين والإسلاميين، ومن المرجح أن تضعفها.

بعد أكثر من عام على المسيرات الأسبوعية التي توقفت بسبب فيروس كورونا المستجد، يبدو "الحراك" وهو انتفاضة شعبية سلمية غير مسبوقة في الجزائر ضد النظام، على مفترق طرق قبل شهرين من استفتاء على إصلاح دستوري يفترض أن يستجيب لتطلعاته.

وفي الأسابيع الأخيرة، تضاعفت محاولات التعبئة في أنحاء الجزائر من وهران والجزائر وتلمسان إلى ورقلة وبجاية وبسكرة، فهل ستتمكن الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام من العودة أم أنه محكوم عليها بالزوال؟.

وقالت الخبيرة في الشؤون السياسية لويزة إدريس آيت حمادوش "رغم أن الفرضيتين ممكنتان، لكن الأكثر ترجيحاً هو استئناف التظاهرات"، موضحة أن أسباب الانتفاضة المتعددة لم تختف فحسب، بل أن الإرادة لتغيير نمط الحكم ما زالت موجودة، بل إنها تعززت على قولها، بسبب القمع (للحركة) وتدهور الأوضاع الصحية الاقتصادية والاجتماعية.

ولفتت إلى أنه "بالبقاء سلميين ومتحضرين، أظهر الجزائريون نضجاً مذهلاً، روح احتجاج المواطنين هذه تعني أنه مع أو بدون تظاهرات شعبية، فإن الحراك وجد ليبقى".

ولا يشك زميلها محرز بويش في عودة "الحراك" ومتابعة نشاطه حتى تحقيق مطالب الشعب، وأكد منصور قدير الباحث في العلوم السياسية أن "الحراك ليس حركة اجتماعية منظمة وفق استراتيجية ثابتة، بل ظاهرة شعبية ضخمة بسبب تراكم الإحباطات والاعتداءات على الحريات من قبل الأنظمة السياسية الرافضة للتغيير".

وقال قدير "20 عاماً من سلطة بوتفليقة، حرمت المجتمع لدرجة أنه لا يمكن لأي حزب أن يدعي أنه يشكل قوة بديلة"، كما أن تعليق المسيرات لما يقرب من 6 أشهر بسبب تفشي وباء كوفيد-19 يصعّب استئناف "الحراك" نشاطه.

وذكرت إدريس آيت حمادوش أن "الحراك عانى من سياسة قمعية وضعته في موقف دفاعي، حتى لو اخترع أشكالاً أخرى للتعبير مثل شبكات التضامن خلال فترة الأزمة الصحية أو حلقات النقاش على المنصات الإلكترونية".

وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وجمعية تدعم مساجين الحراك، فإن نحو 45 شخصاً موجودون في الحبس بسبب نشاطهم ضمن الحركة الاحتجاجية.

وفي مواجهة احتجاج جامد، فشل في تغيير النظام السياسي القائم منذ العام 1962، تطبق الحكومة "خارطة الطريق" التي وضعتها بعد الانتخابات الرئاسية في ديسمبر(كانون الأول) 2019، والتي تميزت بمعدل قياسي للامتناع عن الاقتراع بلغ 60 %.

وقد وعد الرئيس عبد المجيد تبون بإصلاح للدستور يفترض أن ينهي عهد بوتفليقة، المرادف للاستبداد والفساد والمحسوبية، وبناء "جمهورية جديدة".

وتم المصادقة أمس الأحد في مجلس الوزراء على مشروع الدستور، تمهيداً لعرضه على البرلمان وهو إجراء شكلي قبل الاستفتاء المقرر في الأول من نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل.

ولكن هذا التعديل الدستوري الذي يفترض أن يعرض لاستفتاء في الأول من نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، تعرض لانتقادات من الأحزاب والجمعيات المرتبطة بـ"الحراك" والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين استنكروا "ترقيعاً" بدون مساءلة حقيقية للنظام الرئاسي.

ويهدف هذا المشروع في الواقع إلى السماح للنظام المطبّق بـ"إعادة إنتاج"، كما قال المتخصص في الفلسفة السياسية محرز بويش، وهذه القوة التي جسدتها منذ فترة طويلة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، فقدت اليوم صدقيتها إلى حد كبير، وبدأت تفقد زخمها بحسب إدريس آيت حمادوش، مشيرة إلى أنها فشلت في تجديد قاعدتها الاجتماعية وشرعيتها.

وأضافت أنها تلجأ لهذا السبب إلى استعادة خيال حرب الاستقلال (1954-1962)، على عكس "الجزائر الجديدة" التي تشيد بها في الخطب الرسمية، وحتى الآن، لا يبدو أن الإصلاح الدستوري يثير اهتمام الجزائريين الذين يواجهون أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة.

وقد فقد العديد من العمال وظائفهم أو بقوا في حال بطالة تقنية لأشهر طويلة بسبب الوباء، وتزامن هذا الوضع بشكل ملحوظ مع تصاعد الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وأشار قدير في هذا الصدد إلى ظهور "قوى بديلة غير مرئية"، مثل مجموعات من الشباب في الجنوب الذين ينتفضون ضد ظروفهم المعيشية، محذراً من أن هذه القوى ستنشأ عندما تشعل الرياح العاصفة الكتلة الهشة مثل الخشب الجاف.

24 - أ ف ب


مواضيع:


الأخبار الأخيرة