لم يخفِ الشاب المصري المتعافي من فيروس كورونا، محمد فتحي توتره عند مشاهدته الأنابيب الموصوله بذراعه، لكنه أصر على التبرع بالبلازما على أمل مساعدة المصابين بالوباء.
وقال خبير المساحة،25 عاماً، أثناء تبرعه بالبلازما في المركز القومي لنقل الدم بالقاهرة: "إذا كان بإمكاني مساعدة شخص واحد فقط، فهذا أمر جيد جداً".
وأصيب فتحي في مايو (أيار)، عشية عيد الفطر، ليصبح واحداً من حوالي 100 ألف مصاب بالوباء في مصر، التي سُجلت أيضاً أكثر من 5 آلاف وفاة.
واختصر فتحي أعراض الإصابة بفيروس كورونا قائلاً: "فقدان حاسة التذوق كان تجربة مروعة... تشعر كأنك تأكل من أجل الحاجة فقط".
ولم تنته الأمور عند اصابة فتحي فحسب، إذ ابتليت أسرته أيضاً بإصابة والده المسن.
وفتحي أحد المتطوعين المشاركين في تجربة علاج المصابين بكورونا ببلازما المتعافين وعلّق "جئت اليوم للتبرع لأني لم أرغب أن يمر شخص آخر بما مررت أنا وعائلتي به".
ويكون هذا العلاج بحقن بلازما المتعافين في أجسام مصابين لمنحهم دفعة مناعية تساعد أجسامهم على محاربة الفيروس.
وتحاول مصر، على غرار بلدان عدة على رأسها الولايات المتحدة، مكافحة الوباء جزئياً باستخدام بلازما المتعافين، وهي المادة السائلة في الدم التي تحتوي الأجسام المضادة.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العلاج بحل مؤقت، وأصدرت إدارته في الشهر الماضي إذناً طارئاً يسمح باستخدام بلازما المتعافين.
وينقسم المجتمع العلمي بسبب استخدام البلازما لعلاج كورونا،، لكن مؤيديها يشيرون إلى أنه أثبت فعاليته في دراسات صغيرة لعلاج أمراض أخرى معدية بينها "ايبولا" و"سارس".
وأُطلقت تجارب سريرية لمكافحة كورونا بالبلازما في كل من بوليفيا، وبريطانيا، وكولومبيا، والهند، والمكسيك، وباكستان، وكوريا الجنوبية.
علاج واعد
ويعتقد مدير مركز نقل الدم في مصر إيهاب سراج الدين أن بلازما المتعافين علاج واعد في الوقت الذي يستمر السباق نحو تطوير وإنتاج وتوزيع لقاح فعال.
ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، قاد سراج الدين حملة في مصر لحث أكثر من 78 ألف متعافٍ من الوباء على التبرع بالبلازما.
وقال، إن "كورونا هو أحد هذه الفيروسات التي لا يوجد كتيب إرشادي لها، نحارب عدواً مجهولاً ولذا نحتاج للتمسك بأي شكل من أشكال العلاج يقدم بصيصاً من الأمل".
وأكد "إذا لم تجد الولايات المتحدة أنها واعدة، لما كانت أطلقت حملة وطنية لحث المتعافين على التبرع بالبلازما".
وأوضح سراج الدين، أن المتبرعين المؤهلين يجب أن تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 عاماً وألا تقل أوزانهم عن 50 كيلوغراماً وأن تتوفر فيهم فصيلة معينة من الأجسام المضادة.
وحتى الآن تبرع أكثر من مئتي متعاف بالبلازما، يقدم كل منهم 800 ميليغرام من المادة السائلة مقسمة إلى 4 أكياس تحقن لمصابين في وقت واحد.
وقال سراج الدين، إنه لا توجد إحصاءات حتى الآن عن معدل نجاح تجربة البلازما في مصر.
وأشار سراج الدين إلى الحاجة للمزيد من تبرعات البلازما، مؤكداً أن "التبرع بالدم بشكل عام قليل في مصر، لذلك نعمل على زيادة الوعي بين عامة الناس".
مساندة
ودفعت أعداد المتبرعين الضئيلة أحمد مصطفى الذي يعمل في مجال الإعلان، إلى إطلاق تطبيق يسمى "مساندة" للتواصل بين المتعافين والمصابين.
وأكد "نريد أن نكون همزة الوصل بين المرضى، لكن الاستجابة بطيئة للغاية".
وفي ظل الإقبال الضئيل على الإنترنت، يخطط مصطفى لجعل تطبيقه خدمة عامة للتبرع بالدم لتلبية أي حاجة ملحة أخرى في قطاع الرعاية الصحية المتأزم في مصر.
ولمصطفى دافع قوي لإنجاح تجربة العلاج، إذ أنه كان بين المصابين في أواخر مايو (أيار) الماضي.
وقال: "بعد شهر من الإرهاق من الفيروس، أردت المساهمة في جعل حياة المرضى الآخرين أفضل".
ويرى مصطفى أيضاً أن التطبيق قد يعمل بديلاً آمناً للسوق السوداء لبيع بلازما المتعافين والتي ظهرت أخيراً.
وفي يونيو(حزيران) الماضي، نقلت وسائل الإعلام المحلية في مصر أن أكياس بلازما المتعافين تعرض للبيع بشكل غير رسمي بسعر يتجاوز 20000 جنيه (1200 دولار) للكيس.
ودعا أحد أعضاء البرلمان المصري إلى تجريم هذه الممارسة خاصةً بعد أن أكدت مشيخة الأزهر أنه لا يجوز بموجب الشريعة الإسلامية، المتاجرة بالبلازما.
وشدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على "أن ثمن الدم حرام لا يجوز، لأن الشيء إذا حُرّم أكله حرم بيعه، وثمنه".
مواضيع: