أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط اليوم الأربعاء خفض قواتها في العراق، فيما يتوقع أن يصدر إعلان مماثل عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشمل أيضاً سحب قوات من افغانستان، وذلك قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وأعلن قائد القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال كينيث ماكينزي من بغداد "بعد الاعتراف بالتقدّم الكبير الذي أحرزته القوات العراقية والتشاور والتنسيق مع الحكومة العراقية وشركائنا في التحالف، قرّرت الولايات المتحدة خفض وجودها العسكري في العراق من حوالى 5200 إلى 3000 جندي خلال شهر سبتمبر (أيلول)".
وأكد البيت الأبيض أمس الثلاثاء أنه سيتمّ الإعلان في وقت قريب جداً عن خفض جديد لعديد القوات الأمريكية في العراق حيث يتعرّض جنود أمريكيون يلاحقون خلايا إرهابية نائمة إلى اعتداءات متزايدة من جانب فصائل موالية لإيران.
وفي خطاب ألقاه لمناسبة تسلم القائد الجديد لتحالف مكافحة تنظيم ذاعش الجنرال بول كالفير مهامه، قال ماكينزي إن "الولايات المتحدة ستواصل دعم الجيش العراقي في معركته على آخر عناصر ناشطة لتنظيم داعش في البلاد وستُبقي وجوداً عسكرياً محدوداً في سوريا".
وأضاف "هذا الوجود المحدود يتيح لنا مواصلة تقديم النصائح والمساعدة لشركائنا العراقيين في استئصال آخر بقايا تنظيم داعش في العراق"، مشيراً إلى ثقة واشنطن في "قدرة القوات العراقية على العمل بشكل مستقل".
وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لدى تسلمه السلطة بكبح جماح المجموعات المسلحة الخارجة عن السيطرة والتي تعارض بشدة الوجود الأمريكي في العراق.
وأثناء اجتماعه مع الكاظمي في واشنطن الشهر الماضي، قال ترامب إن "القوات الأمريكية ستغادر العراق لكنه لم يعطِ جدولاً زمنياً أو مستويات محددة للقوات".
ويأتي الإعلان الأمريكي في خضم الحملة الانتخابية الأمريكية قبل موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وكانت الولايات المتحدة خفضت بالفعل بشكل كبير حجم قواتها في العراق في الأشهر الأخيرة.
وجاء ذلك بعد طلب البرلمان العراقي إلى الحكومة إنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، إثر اغتيال الأمريكيين الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس ميليشيا الحشد العراقي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد في يناير (كانون الثاني) 2020.
وتعرضت السفارة الأمريكية في بغداد ومصالح أمريكية عسكرية وغير عسكرية خلال الأشهر الماضية لاعتداءات عدة تبنتها إجمالا مجموعات غير معروفة لكن يشتبه في ارتباطها بإيران.
ونشرت الولايات المتحدة الآلاف من القوات في العراق في عام 2014 لقيادة تحالف دولي يقاتل تنظيم داعشالذي اجتاح بعد ذلك ثلث أراضي البلاد.
وحتى بعد إعلان بغداد هزيمة تنظيم داعش في أواخر عام 2017، استمرت القوات الأمريكية وقوات التحالف الأخرى في عملها بتدريب القوات المحلية وتنفيذ ضربات جوية وعمليات مراقبة بطائرات بدون طيار لمنع عودة الإرهابيين.
وتسبّبت عشرات الهجمات الصاروخية على القوات الأمريكية والسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد منذ أول السنة، بمقتل ما لا يقل عن 3 عسكريين أمريكيين وجندي بريطاني وجندي عراقي.
واتهم مسؤولون أمريكيون فصائل قريبة من طهران تتمسّك منذ فترة طويلة بضرورة مغادرة جميع القوات الأمريكية الشرق الأوسط، بتنفيذ الهجمات.
وكانت طهران أطلقت صواريخ بالستية على قاعدة للقوات الأمريكية في غرب العراق ردا على مقتل سليماني، من دون التسبب بأضرار بالغة.
وتتباطأ حكومة الكاظمي التي يُنظر إليها على أنها صديقة للولايات المتحدة، في تبني قرار البرلمان العراقي حول سحب القوات الأجنبية.
لكن التحالف بدأ منذ مارس (آذار) بسحب قواته بهدوء، بينما قلّص وجوده في عشرات القواعد في جميع أنحاء البلاد إلى ثلاث فقط.
وقال مسؤولون أمريكيون لوكالة فرانس برس إنه أعيد نشر بعض القوات في القواعد الرئيسية في بغداد وأربيل في الشمال وعين الأسد في الغرب، لكن معظمها نُقل إلى خارج العراق.
وأشاروا الى أن التقليص كان مخططا له منذ فترة طويلة بعد هزيمة تنظيم داعش، لكنهم اعترفوا بأنه تمّ تسريع الجدول الزمني بسبب الهجمات الصاروخية وفي ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.
ومع ذلك، استمرت الهجمات على مصالح أمريكية. في وقت متأخر الثلاثاء، استهدفت عبوة ناسفة رتلا من الإمدادات كان متوجهاً إلى قاعدة عراقية تتواجد فيها قوات أمريكية، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد القوات الأمنية العراقية.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأمريكية إن الرئيس الأمريكي سيعلن انسحابات أخرى من أفغانستان في الأيام المقبلة.
وينتشر هناك حاليا 8600 جندي لواشنطن، حسب اتفاق ثنائي تم توقيعه في فبراير (شباط)بين واشنطن وحركة طالبان.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في أغسطس (آب) إن هدفها هو خفض عدد أفرادها إلى أقل من خمسة آلاف جندي مع تقدم محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية من جهة والحركة من جهة أخرى.
وذكر ترامب سابقا في مقابلة صحافية أن البيت الأبيض يهدف إلى الوصول إلى ما بين 4000 و5000 جندي في أفغانستان بحلول الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وبموجب الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، على جميع القوات الأجنبية مغادرة البلاد بحلول ربيع عام 2021، مقابل التزامات أمنية من الحركة المتطرفة.
وكان ترامب الذي يجد نفسه حاليا خلف منافسه الديموقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي قبل انتخابات الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، وعد سابقا بإعادة القوات "إلى الوطن" في محاولة لإنهاء ما وصفه "بحروب أمريكا التي لا نهاية لها".
24ae
مواضيع: