رئيس الحكومة مستشارين من عهد بن علي جدل في تونس بسبب تعيين

  23 سبتمبر 2020    قرأ 821
رئيس الحكومة مستشارين من عهد بن علي جدل في تونس بسبب تعيين

أثارت التعيينات الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي على مستوى اختيار مستشاريه في القصبة جدلا واسعا وحالة من الغضب في الأوساط السياسية، بسبب ما يحوم حول بعض الأسماء من شبهات استغلال نفوذ، فضلا عن كونها تمثل أهم ركائز ورموز النظام السابق في المجالين المالي والاقتصادي.

وكان رئيس الحكومة الجديد قد عين كلا من المحافظ السابق للبنك المركزي "توفيق بكار" والمستشار السابق للرئيس الراحل بن علي "المنجي صفرة" كأعضاء في ديوانه بخطة مستشار اقتصادي، بينما عين محافظ باجة الأسبق مستشارا له مكلفا بالشؤون الاجتماعية.

وتثير تسمية كل من بكار وصفرة لغطا سياسيا نظرا لاقترانهما بالنظام السابق، حيث تقلد بكار منصب وزير للتنمية الاقتصادية ووزيرا للمال في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، كما تولى رئاسة البنك المركزي التونسي في 2004 قبل أن تتم إزاحته سنة 2011 إبان الثورة التونسية.

وبدوره، شغل المنجي صفرة خطة مستشار اقتصادي لدى بن علي، وحوكم في 2011 بتهم تتعلق بالفساد المالي والتلاعب بصفقات عمومية وتسريب معلومات لصهر الرئيس السابق بن علي قبل أن يتم إيقاف المحاكمة في حقه سنة 2017 بموجب قانون المصالحة الإدارية.

عودة إلى الوراء

واعتبر النائب عن التيار الديمقراطي بالبرلمان هشام العجبوني في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن "توجه المشيشي نحو تعيين شخصيات تمثل جزء من نظام كرّس منظومة الرّيع واقتصاد الأصحاب هو بمثابة العودة إلى الوراء".

وقال العجبوني إن "هذه الشخصيات (في إشارة إلى بكار وصفرة) اختصت في مساعدة عائلة وأقارب النظام السابق للحصول على امتيازات معينة، وهي إحدى الأسباب التي أدت إلى اندلاع ثورة 14 يناير 2011.

وأضاف أن تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد لسنة 2011 الذي استند إلى أرشيف الرئاسة وإلى معطيات موثقة، أثبت حجم الجرائم الاقتصادية التي ارتكبها مستشارو بن علي، خاصة في ما يتعلق بتهريب الأموال إلى الخارج ونهب المال العام، مؤكدا أن الأشخاص الجدد الذين سيدخلون إلى القصبة كانوا "شهود زور على هذه التجاوزات".

ويرى العجبوني أن رئيس الحكومة بعث، بهذه التعيينات، رسالة سيئة جدا للداخل والخارج مفادها أن تونس ليس بها كفاءات سوى تلك التي أسهمت في انتاج نظام الاستبداد والفساد، مضيفا أنه لا يتوقع أي تغيير في الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي في ظل استمرار وجود أشخاص يحملون نفس العقلية القديمة في السلطة.

تعيينات خاضعة للابتزاز

ولا يستبعد العجبوني أن يكون رئيس الحكومة قد خضع لابتزاز بعض الأطراف السياسية التي تتعامل مع الحكومة بمنطق الغنيمة، مستدلا على ذلك بتصريح رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني الذي اشترط بكل صراحة على المشيشي التشاور مع حزبه في مسألة التعيينات والقرارات الحكومية.

وأضاف أن "المشيشي يتعرض لضغوطات من قبل الترويكا الجديدة ممثلة في حزب حركة النهضة وائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس الذين يخوضون معه حربا لإدخال منظوريهم إلى القصبة".

واعتبر العجبوني أن دور الكتلة الديمقراطية بوصفها معارضة جدية هو تنبيه الرأي العام إلى هذه التعيينات وتداعياتها على مستقبل البلاد، مؤكدا أن حزبه سبق وأن حذّر المشيشي من الخضوع إلى مطلبيات الأحزاب السياسية مقابل تجنيبه سيناريو اسقاط الحكومة في البرلمان، قائلا "أتمنى أن لا يكون ثمن بقاء المشيشي على رأس هذه الحكومة هو الخضوع إلى املاءات الأحزاب".

رسائل غير مطمئنة

من جانبه، قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي لـ "سبوتنيك"، إن المشيشي لم يوّفق في اختياره للأسماء التي ستؤثث ديوانه، معتبرا أن التعيينات الجديدة للمستشارين الحكوميين تندرج في إطار الدمغجة.

وأضاف أن "الحديث عن كفاءات مستقلة ونزيهة أصبح يطرح العديد من نقاط الاستفهام في ظل وجود أسماء تعلقت بها قضايا فساد وتهريب أموال".

وأشار المغزاوي إلى أن التعيينات الأخيرة تؤكد مجددا وجود ضغوطات تمارس على رئيس الحكومة، مؤكدا أن "هذه الضغوطات تجاوزت دائرة المستشارين الحكوميين وشملت حتى تعيين رؤساء دواوين الوزراء الذين تتناقل بعض الأحزاب السياسية سيرهم الذاتية".

واعتبر المغزاوي أن الوضع في القصبة يتسم بغياب تام للوضوح، داعيا رئيس الحكومة إلى تعديل البوصلة وتعديل المسار باتجاه تطبيق خيار حكومة الكفاءات المستقلة قولا وفعلا، وعدم الخضوع إلى الابتزاز من قبل بعض الأطراف السياسية وفي مقدمتهم حركة النهضة.

وشدد على أن تعامل حركة الشعب مع رئيس الحكومة مستقبلا سيكون وفقا للتعيينات والتوجهات والبرامج التي ستعتمدها حكومته في الفترة المقبلة، معتبرا أن الرسائل الأولى لم تكن مطمئنة.

وسبق أن أثارت خيارات المشيشي حفيظة الأحزاب السياسية، بسبب تضمن حكومته لأسماء تقلدت مناصب حزبية أو عرفت بقربها من بعض الأطراف السياسية، وهو ما يتناقض مع توجهه نحو تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تقطع مع الأحزاب.

 

 

 

 


مواضيع:


الأخبار الأخيرة