“الندبة” تعيد الذاكرة إلى القرنَيْن الخامسَ والسادِس عشر بمهرجان المسرح العماني السابع

  23 ديسمبر 2017    قرأ 702
“الندبة” تعيد الذاكرة إلى القرنَيْن الخامسَ والسادِس عشر بمهرجان المسرح العماني السابع
تعرض فرقة الرأي المسرحية الأهلية في الساعة السابعة والنصف من مساء اليوم، على مسرح كلية العلوم التطبيقية بصحار عرضها المسرحي (ساعة رملية للغضب والظلام والحب) للكاتب والمخرج بدر الحمداني، وذلك ضمن عروض مسابقات مهرجان المسرح العماني السابع الذي تنظمه وزارة التراث والثقافة وتستمر فعالياته في مدينة صحار حتى الـ25 من الشهر الجاري. وتنطلق فكرة المسرحية من قهر الحياة وقساوتها، حيث الانفصال عمن نحب، بحيث لا نعد قادرين على تمييز الأشياء من حولنا. وسيقدم الدكتور محمد بن سيف الحبسي رؤية نقدية في الجلسة التعقيبية التي ستأتي لاحقا بعد انتهاء العرض المسرحي.
وضمن فعالية مسابقة المهرجان عرضت أمس الأول مسرحية “الندبة” على مسرح كلية العلوم التطبيقية بصحار للكاتب عماد الشنفري والمخرج خالد الشنفري، وبطولة الفنان عبدالله مرعي الشنفري وعيسى عجزون وأشرف المشيخي ونهاد الحديدية وشريف العمري وحسين بحجاج.
الليلة المسرحية الفنية التي حضرها جمع غفير من عشاق المسرح في السلطنة كانت تحت رعاية سعادة المهندس محمد بن خميس البادي، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صحم.
في كلمة مقتضبة عن المسرحية يقول عماد الشنفري: رغم وضوح العنوان وبساطة الموضوع إلا إنني على يقين لن تصل فكرتي إلى أحد منكم ما عدا من يعرفني عن قرب.
في الإطار ذاته يقول المخرج خالد الشنفري: مهرجان المسرح العماني عرس لكل مسرحي ، ننطلق من خلال خشبته لنوصل رسالتنا إلى العالم، الفكر للمؤلف والرؤية لنا، والحكم لكم.
وينطلق المخرج عماد الشنفري في عرضه المسرحي من كون أن الندبة فَن مِن الفنونِ التي مَا زالَت تمارَس فِي محافظة مسندم، حَيث لِهَذا الفَنِّ طقوس تقامُ قَدِيماً عِند الحرب والنَّصر علَى الأعداءِ وفِي الأفراحِ والمناسَباتِ، وهوَ فَنّ يَختَص بالرجالِ حَيث تَم تَوظِيفُه بإسقاط علَى فَترَة زَمَنية في القَرنَيْنِ الخامسَ عشرَ والسادِس عشرَ أثناءَ الاحتِلال البرتغالي لِلمنطقة، فالعرض مليء بالحماس، الذي يعزز الانتماء للأرض، وينتهي بطرد البرتغاليين، وترديد (الندبة) علامة من علامات النصر في الحرب، كل ذلك جعل المنصة المسرحية مهيأة لينطلق منها المخرج، وسيسبح في فضاءات أبعد، وهذه دليل على خصوبة تربة النص، وصلابتها، فقام مخرج العرض، وفريقه بتفكيكه، وشحنه بالأسئلة.
الجلسة التعقيبية
في الجلسة التعقيبية التي أدارها الإعلامي حمدان البادي بحضور الكاتب والمخرج عماد الشنفري والمخرج خالد عمر الشنفري، قدم الشاعر والمسرحي عبدالرزاق الربيعي رؤية نقدية في هذه الجلسة، تناول الربيعي في ورقته عرض ” الندبة ” وتوقف عبدالرزاق الربيعي عند العنوان ودلالاته ويقول الربيعي إن “الندبة” وعلى وجه الخصوص لم تظل حبيسة الفن الشعبي في العرض، كما رسم المؤلف، بل أخذت معاني متعددة، وهذا ما جاء على خشبة المسرح، كما في النداء مثل وامعتصماه، أي الصرخة، وهي أثر الجرح على الجلد، والمقصود هنا الأثر المعنوي الذي تركه الاحتلال، وهي رثاء الميت وتعداد مناقبه، ويقال كما في قاموس المعاني” ندبت المرأة: أي صارت حذرة. ويشير الربيعي: الذي رأيناه على خشبة المسرح جعل كل ذلك منصة انطلق منها المخرج فقد قام إشغال الفكر، والتأمل، وقلب الأحداث، وتغيير مساراتها، وتفسيرها تفسيرا يمنحها حيوية، وبذلك جاء العرض كنموذج للقراءة الواعية المبتكرة الحرّة للنص، وبهذا أقدم تحيتي للكاتب عماد الشنفري على تقبله ذلك، واعطاء فريق العمل حرية قراءة النص، وهذا جعلنا كمتلقين نستدعي فكرة التعادل الدلالي بين النص المكتوب والمعروض، ونقله من بيئة المؤلّف إلى بيئة المخرج، الذي رسم هو الآخر صورة بصرية ولعب على حركة المجاميع وقسم المسرح الى قسمين على اليمين وضع الذين قاوموا الاحتلال وعلى الجهة اليسرى وضع القائد البرتغالي وجنوده تحت لوحة رسمت علبها قلعة بدت مثل وحش ينظر الى الجانب الايمن بقسوة. وعمد مخرج عرض “الندبة” خالد عمر الشنفري إلى تغريب العرض، وفق منهج بريخت في المسرح الملحمي الذي رأى في التغريب” تخليص تلك الحادثة او الشخصية مما فيهما ظاهر ،معروف او بديهى ، أو ايقاظ الدهشة او الفضول بدلا منهما”، وهو كما تعرّف الباحثة رانيا فتح الله” طرح المشاكل الاجتماعية التى يعانى منها المجتمع فى صورة مغربة ، ينتج عنها ايقاع صدمة بالمشاهد ، تجاه مايقدم له من أحداث تبدو غربية وبعيدة عنه، وعن واقعه اليومى ، فيدعوه هذا الى التفكير فيها ، ونقدها بشكل موضوعى بعيد عن العاطفة”.
ووسّع المخرج دلالاته، فأدخل الموسيقى في عرض قوامه فن من الموروثات الشعبية العمانية، والأزياء جاء بعضها أوروبا، وغيرها من اللمسات الإخراجية التي عمّقت الأحداث، وصنعت متعة بصرية، وسمعية كلها صبّت في عرض عماني حدثا، وبيئة، وفرجة مسرحية، وإطارا عاما. في ختام حديثه قال الكاتب عبدالرزاق الربيعي: الأداء جاء جماعيا، فكل من على خشبة المسرح كان بطلا، رغم اختلاف مساحات الأدوار، ويبقى أداء عبدالله مرعي، ونهاد الحديدي، بفعل الخبرة، والجهد المضاعف، وقوّة الموهبة واضحا ضمن الفريق الذي قدم عرضا يستحق الكثير من الكلام، ويشكل اضافة لماقدمته فرقة صلالة من انجازات في تاريخ المسرح العماني.
وتتواصل بدائرة الثقافة بمحافظة شمال الباطنة بولاية صحار أعمال حلقة التكوين المسرحي يقدمها إيهاب زاهدة بمشاركة 20 فنانًا مسرحيا وتتمحور في تركيب الشخصيات المسرحية على الخشبة وخصوصا حركة جسد الممثل وتستمر طوال أيام المهرجان.


مواضيع: مهرجان،لمسرح،  


الأخبار الأخيرة