الرباط لم تطبع مع إسرائيل واعتراف أمريكا بسيادتنا على الصحراء مفيد اقتصاديا

  16 ديسمبر 2020    قرأ 519
الرباط لم تطبع مع إسرائيل واعتراف أمريكا بسيادتنا على الصحراء مفيد اقتصاديا

وصف السفير المغربي لدى روسيا، لطفي بوشعرة، التطور الأخير في العلاقات بين بلاده وإسرائيل بأنه ليس تطبيعا ولا مبادلة، معتبرا أن القرار الذي اتخذ بإقامة مكاتب صلة بين المغرب وإسرائيل هو عمل يندرج في سياق عملية بناءة للترويج للسلام في المنطقة.

موسكو- سبوتنيك. وقال السفير المغربي في حوار لـ "سبوتنيك" إن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية يأتي انطلاقا من المعرفة بتاريخ المغرب وبأن الصحراء كانت جزءا منه على الدوام.

وتوقع أن يكون للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي، معتبرا أنه سيسمح بخلق فرص استثمارية جديدة لكل المنطقة.

الخارجية الروسية اعتبرت اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية يتنافى مع  القانون الدولي وخرق لقرارات مجلس الأمن بحسب تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي. ما هو تعليقكم على هذا الأمر؟

الولايات المتحدة اتخذت قرارها بكل سيادة وبشكل مستقل، وهذا القرار ليس معزولا، فهناك عدد متزايد من الدول التي تعترف بمغربية الصحراء.

هذه الدول تعترف بمغربية الصحراء انطلاقا من معرفة بتاريخ المغرب، الذي يوجد كدولة منذ أكثر من 12 قرنا والذي كانت الصحراء جزءا منه على الدوام. هي تعترف أيضا بمغربية

الصحراء، من خلال احترامها الصارم للقانون الدولي؛ وليس احترام السيادة ووحدة الأراضي للدول التي تعد مبدأ أساسيا في القانون الدولي.

والمقطع الرابع من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة ينص على ذلك بشكل واضح.

هذه الدينامية القائمة على اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على صحرائه ستُستكمل ولا يمكن الرجوع للوراء لأنها تتماشى مع مسار التاريخ.

من المهم أن نفهم أنّ مسألة الصحراء بالنسبة للشعب المغربي ليست فقط مسألة يتم طرحها في مجلس الأمن. هي مسألة أساسية ووجودية تتعلق بمصير الأمة؛ يجب على الدوام أن نتذّكر هذه النقطة عندما نتخذ موقفا تجاه مسألة الصحراء.

المغرب وروسيا أمتان قديمتان تحرصان على احترام هويتهما. المغرب وروسيا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ نهاية القرن الثامن عشر وتربطهما شراكة استراتيجية تعمّقت منذ عام 2016.
جرت ثلاثة اتصالات بين وزارتي خارجية المغرب وروسيا خلال الأسابيع الأخيرة ونحن راغبين بمتابعة هذه الحوار السياسي من خلال الاحترام المتبادل.

عدد من القوى السياسية اعتبرت قيام المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقايضة سياسية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه، هل تتوقعون من الإدارة الأمريكية الجديدة متابعة نهج الإدارة الحالية في هذا الموضوع والتمسك بهذا الاعتراف؟.

يجب توضيح مسألتين؛ أولا،  من غير المجدي وغير الواقعي أن نبحث عن دوافع لنزرع الشقاق لدى الشعب المغربي خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على وحدة أراضي المغرب وأيضاً بالدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة. يجب التنويه أن ما جرى ليس تطبيعا ولا مبادلة. الدبلوماسية المغربية قائمة على مبادئ ونحن نتحمل مسؤولية خياراتنا.

القرار الذي اتخذ بإقامة مكاتب صلة بين المغرب وإسرائيل هو عمل يندرج في سياق عملية بناءة للترويج للسلام في المنطقة. ولطالما سعى المغرب للتقريب بين الشعوب وخلق مساحات حوار من أجل تعزيز السلام ولطالما لعب دورا رائدا وسباقا في هذا المجال في أفريقيا والعالم العربي.

ما جرى إذا لا يؤثر على عزم المغرب استكمال رفع صوت القضية الفلسطينية عاليا.

جلالة الملك محمد السادس أكد على هذا الموضوع خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).

المغرب سيتابع دعم القضية الفلسطينية بقوة كما سيدعم حل الدولتين، والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي الطريق الوحيد لإيجاد حل دائم للنزاع.

العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة قوية وقديمة وليست ظرفية ولطالما استمرت على هذا النحو على مر الإدارات المختلفة.

وموقف الولايات المتحدة كان على الدوام داعما "للمبادرة المغربية للحكم الذاتي"، قرار الولايات المتحدة الذي صدر في العاشر من ديسمبر لم يصدر عبر بيان أو تصريح بل من خلال مرسوم رئاسي؛ وهذا يؤكد على فعل سياسي وقانوني قوي. إنه قرار تاريخي وقد قدمته واشنطن على هذا الشكل.
ألا تعتبرون أن هذا الإجراء سيزيد تعقيدات المسألة الصحراوية والتوترات في المنطقة المغاربية وخاصة مع الجزائر؟

في حال لم يكن للجزائر علاقة بهذا الخلاف كما تدعي دائما، كيف إذا ستكون معنية بالقرار الأمريكي؟ نحن في قلب التناقض الجزائري. لا يمكن أن ندين من يعترفون بمغربية الصحراء وفي نفس الوقت ندعي أن لا علاقة لنا بهذا الخلاف.

لا يمكن أن نحيك الخطط في الكواليس وفي نفس الوقت نتملص من كل مسؤولية في حل مسألة الصحراء، ولا يمكن أن نتحدث عن احترام القانون الدولي وفي نفس الوقت نقوم بمنع الأمم المتحدة من إحصاء أعداد السكان في مخيمات تندوف.

القانون الدولي الذي تستحضره الجزائر ليس مجرد شعار يُطلق من أجل غايات سياسية بل هو كامل متكامل، وعندما ندعو الآخرين لاحترام القانون يجب أن نتحلى بالأدب ونطبق ذلك على نفسنا.

لا يمكن لأحد أن يحتكر الدفاع عن القانون، والمغرب لا تقبل أن تُعطى دروسا في القانون الدولي من قبل الجزائر. لا يمكن أن نبني مغرب (يقصد العالم المغاربي) الغد وفق مكونات أيديولوجية أصبحت من الماضي.

التحديات التي تواجهها منطقتنا اليوم لم تعد نفس تحديات الستينات والسبعينات، ويجب أن نقدم اليوم حلولا محلية ومحددة لكي نواجه أزمة الهجرة والتغير المناخي والاندماج الاقتصادي المحلي. يجب أن نضع أفقا وهدفا، ونبني المستقبل وألا نبقى عالقين في الماضي.
يجب الترويج للسلام والأمن في منطقتنا من دون هوادة عبر الحوار والمشاورات والمغرب يتبع هذا النهج.

ما هي المنافع الاقتصادية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب وهل سبق وناقشتهم مسألة التبادلات التجارية أو تسيير الرحلات الجوية المباشرة؟

مرة جديدة أقول إن عبارة "تطبيع" ليست مناسبة لأن واقع الأمر فعليا هو إقامة مكاتب صلة بين البلدين كانت تعمل في الماضي.

هذه المكاتب ستعزز المبادلات الاقتصادية كما ستسهّل التبادلات الإنسانية. هناك جالية مغربية كبيرة من الطائفة اليهودية تعيش في إسرائيل. هذه الجالية بقيت على الدوام متمسكة بعمق وبكل صدق بالمغرب. ومن المرتقب إذا أن نسمح برحلات مباشرة من والى المغرب.

هل ستفتحون قنصلية أو سفارة لكم في إسرائيل؟

القرار الذي أعلن عنه يسمح بفتح مكاتب صلة في كلا البلدين كما كان الحال سابقا خلال سنوات عدة لغاية عام 2000.

هل من ثمن اقتصادي ( غير السياسي) لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية؟

اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ستكون له نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي. كل الدول التي تتمسك بالتنمية الاقتصادية والبحبوحة في المنطقة ستسرّ بالدينامية التي تجري حاليا. هذا القرار سيسمح بلا شك بخلق فرص جديدة لكل المنطقة.

كيف سيساهم اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية بحل الأزمة مع جبهة البوليساريو؟

جبهة البوليساريو تحجّرت، ومن المثير للشفقة أن يتم نشر بيانات ضبابية بشكل متكرر للحديث عن صراعات وهمية. إذا أردنا أن نكون شركاء نتمتع بمصداقية في العملية السياسية يجب أن نتصرف بمسؤولية.

المغرب سوف يستكمل عمله بكل هدوء وسيبقى متمسكا ليس فقط بوقف إطلاق النار بل أيضا بإطار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
مجلس الأمن يدعو الأطراف للتمتع بالليونة وبروح التسوية؛ المغرب سبق وأنجز حصته من ذلك من خلال طرحه لمبادرة الحكم الذاتي.

المفاوضات والحوار وروح التسوية : أوليس هذا هو أساس الدبلوماسية؟.


مواضيع:


الأخبار الأخيرة