وأوضحت أن الزيارة جاءت "في إطار الجهود الإماراتية لتقريب وجهات النظر بين السودان ومصر وإثيوبيا لكسر جمود مفاوضات سد النهضة الإثيوبي".
ونقلت "سونا" عن مصدر مطلع لم تسمه، أن الوفد الإماراتي استمع من المسؤولين السودانيين إلى شرح مفصل حول موقف الخرطوم في ملف سد النهضة.
وعود آبي أحمد
يقول وكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد لـ "سبوتنيك" إن كل التشدد الإثيوبي فيما يتعلق بموضوع سد النهضة ناتج عن الأوضاع الداخلية لدى أديس أبابا.
وبحسب رشاد، قدم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لشعبه وعودا كبيرة جدا، في الحقيقة هو غير قادر على تنفيذها، ولذلك هو يحاول بكل الطرق الوفاء بما قطعه على نفسه أمام الإثيوبيين، بما في ذلك توليد الكهرباء من السد الذي خلق آمالا كبيرة جدا لدى الشعب بأنهم سيكونون في رغد من العيش بمجرد توليد الكهرباء.
واعتبر أن "هناك ضغوطا داخلية كبيرة جدا على الحكومة الإثيوبية، ما دفعها للتشدد الكبير في المفاوضات لأن آبي أحمد يريد السير في البرنامج الذي رسمه أمام الشارع من أجل تحقيق الأهداف التي وعد بها"، مضيفا "كل تلك الأمور الضاغطة لن تجعل حكومة آبي أحمد تهدأ، علاوة على التوتر الحادث الآن مع السودان بشأن الحدود بين البلدين".
"ثمن" إماراتي لإثيوبيا
وأشار وكيل المخابرات المصرية الأسبق إلى أن إثيوبيا تهدف من وراء كل "المراوغات" التي تقوم بها في المفاوضات وإفشالها مرة بعد أخرى إلى معرفة ما المقابل الذي ستقدمه مصر لها.
وأضاف في هذا الصدد: "حتى الآن لم تلوح القاهرة للإثيوبيين بتقديم بأي شىء، بل إن مصر تسير في اتجاه وهم يسيرون في اتجاه آخر، حيث ترى الحكومة المصرية أن مياه النيل هي حقوق تاريخية وقانونية".
وأوضح رشاد أن نجاح الوساطة الإماراتية في ملف سد النهضة مرتبط بالثمن الذي يمكن لأبوظبي تقديمه إلى أديس أبابا، مضيفا "أما إن كانت الوساطة للوساطة فلن تحقق شيئا، فليس هناك أحد يقدم شىء بلا مقابل، فإذا كانت أبو ظبي لديها أوراق ضغط على الاقتصاد الإثيوبي مثلا، هنا ستنجح في حلحلة الأزمة، وغير ذلك فلن يراوح ملف سد النهضة مكانه"، وفق قوله.
المنافسة الخليجية
من جانبه، قال أمين عام حزب المؤتمر الشعبي السوداني الدكتور بشير آدم رحمة، إنه يمكن للمبادرة الإماراتية للوساطة أن تكون مدعاة للتفاؤل، كون أبوظبي تمتلك علاقات قوية مع الدول الثلاث وعلاقتها مع مصر أقوى، ثم تأتي إثيوبيا في المرحلة الثانية، يليها السودان.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، علاقة الإمارات مع الدول الثلاث هى علاقة مالية، موضحا "تلك الميزة تمثل مصدر القوة التي يمكن أن تعمل الإمارات من خلالها، وبالنسبة لمصر فإن مسألة المياه تمثل الحياة أو الموت فلا يهمها أحد حتى ولو قطعت الإمارات الدعم المالي فلا يمكنها لي يد مصر".
واعتبر رحمة أن "الإمارات تفكر الآن في إثيوبيا كمكان استثمار وأيضا من أجل تنحية قطر بعيدا، حيث تستثمر الدوحة في سد النهضة"، على حد تعبيره.
وتابع أن الدور الإماراتي في أزمة سد النهضة يأتي أيضا لوقف تمدد قطر في إثيوبيا.
وأضاف "كما تفكر أبوظبي في إثيوبيا كمركز يمكن أن يساعدها خاصة في هذا التوقيت بعد التقارب بين إريتريا وإثيوبيا، حيث تتواجد الإمارات حاليا في إريتريا وعن طريق العلاقة الجديدة بين إريتريا وأديس أبابا تحاول أبوظبي أن تدخل في استثمارات خاصة في مجال المعادن وبشكل خاص الذهب، لأن الإمارات لا تطمع في استثمارات زراعية في إثيوبيا".
وأوضح أن الإمارات "تريد البحر ويمكنها التمدد في إثيوبيا وتحجيم الدور القطري الذي ساهم في تمويل جزء كبير جدا من سد النهضة ولديها استثمارات سياحية كبرى في منطقة السد، وهذا يعني أن المنافسة الخليجية هى التي دفعت الإمارات الآن للدخول في هذا الصراع".
وأشار أمين المؤتمر الشعبي إلى أن "السودان يعد أضعف حلقة بالنسبة للإمارات، لأن السودان تابع يرسل جنود إلى اليمن ويحصل على عطايا مالية قليلة، والإمارات تعتمد في السودان على قوات الدعم السريع و(محمد حمدان دقلو) حميدتي والذي تربطه علاقة استثمارية قوية مع أثيوبيا، لذا تحاول أبو ظبي أن تربط بين كل تلك العلاقات"، على حد قوله.
ولفت رحمة إلى أنه "إذا حاولت الإمارات أن تكون أكثر قربا من إثيوبيا، بالتأكيد ستفقد مصر"، مضيفا "أرى أن الموقف السوداني في الفترة الأخيرة أصبح أقرب إلى الموقف المصري، خاصة بعد اندلاع الصراع الحدودي بين السودان وإثيوبيا".
وتابع "إذا استطاعت الإمارات أن تضغط على إثيوبيا وأن تقبل الأخيرة بتكوين لجنة ثلاثية لمتابعة ملء السد وتشغيله، فسيكون ذلك جيدا".
ومضى رحمة موضحا: "التشغيل أهم من الملء الذي يمكن أن يتم في أي وقت، لكن التشغيل هو الأهم وإذا ترك لإثيوبيا وحدها فسوف تكون هناك حرب في المستقبل بينها من جهة وبين مصر والسودان من جهة أخرى".
تكتلات جديدة
وحول علاقة التحرك الإماراتي الآن بالمصالحة الخليجية قال رحمة: "بعد المصالحة الخليجية أصبحت قطر الآن أقرب إلى الخط السعودي، ويمكننا القول أنه بعد المصالحة أصبح هناك تكتل جديد، هذا التكتل الجديد به قطر والسعودية وتركيا واحتمال أن يعيد هذا التكتل مستقبلا العلاقة بين السعودية وإيران".
واعتبر أن "الإمارات كانت مرغمة على القبول بالدخول في المصالحة، لكنها تنسق مع مصر بصورة أكبر، لذا يمكننا القول بأن الصورة الحالية تشير وكأن هناك محورين محور إماراتي مصري وآخر سعودي قطري، لذلك تريد الإمارات التحرك لإثبات وجودها قبل أن تخطف السعودية وقطر الأمر وتصبح الأمور في ملعبها".
علاقات جيدة
وتحتفظ الإمارات بعلاقات جيدة مع كل من مصر والسودان وإثيوبيا، لذلك قد يمكن التعويل عليها في حل الخلاف المتصاعد بين الدول الثلاثة، بحسب مراقبين.
وبحسب صحيفة "العين" الإماراتية فإنه "منذ تولي آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا في أبريل/نيسان 2018، تشهد العلاقات الإماراتية الإثيوبية تطورا في مختلف المجالات، خاصة على صعيد الاقتصاد وتدفق الاستثمارات الإماراتية".
الدائرة المفرغة
وأمس الأول (الثلاثاء)، قدمت وزارة الخارجية السودانية، اشتراطات جديدة للعودة إلى مفاوضات "سد النهضة" مع إثيوبيا ومصر، ملوحة باللجوء لخيارات أخرى.
ولم يوضح وزير الخارجية السوداني عمر قمر الدين إسماعيل، طبيعة الاشتراطات الجديدة للعودة الى المفاوضات، لكنه قال "إنها قدمت لدولة جنوب إفريقيا باعتبارها رئيس الاتحاد الأفريقي لإجراء محادثات ذات جدوى حول القضية"، وذلك حسب صحيفة "السوداني".
وأعرب الوزير قمر الدين، عن أمله بأن "تكون الدورة الجديدة للاتحاد الإفريقي في فبراير/ شباط المقبل، جولة أخرى لتحقيق ما يصبو إليه السودان وإلا سيكون له خيارات فيما يلي هذا الملف".
و أعرب السودان عن احتجاجه بشدة الاثنين الماضي لدى الاتحاد الإفريقي على إعلان إثيوبيا الاستمرار في ملء بحيرة سد النهضة في يوليو/تموز المقبل، سواء تم التوصل لاتفاق أم لا.
وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت أن الاجتماع السداسي الذي عقد، يوم الأحد الماضي، لبحث أزمة سد النهضة أخفق في تحقيق أي تقدم. وعزت الوزارة الإخفاق في إحراز تقدم إلى "خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية".
فيما قال السودان إنه "لا يمكن الاستمرار فيما وصفه بـ"الدائرة المفرغة" من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد". وقالت وكالة الأنباء السودانية إن "الاجتماع السداسي بين وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وإثيوبيا، فشل في التوصل لصيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول سد النهضة الإثيوبي".
مواضيع: