تسعى مصر إلى توضيح أبعاد مفاوضات سد النهضة وشرحها للدول الإفريقية، وهذا ما تعبر عنه الجولة التي يقوم بها وزير خارجية مصر سامح شكري، وتشمل عدة دول أفريقية.
وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، مطلع أبريل الجاري، من دون التوصل إلى اتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان، بشد سد النهضة فوق النيل الأزرق، أبرز روافد نهر النيل.
وتقول مصر والسودان إن إثيوبيا هي المسؤولة عن فشل المفاوضات التي وصفت بـ"الفرصة الأخيرة"، بسبب تعنتها ورفضها التوقيع على اتفاق ملزم بشأن السد.
وأعلنت أديس أبابا أنها عازمة على بدء المرحلة الثانية من ملء خزان السد في موسم الأمطار الذي يبدأ في يوليو المقبل، وهو ما تنظر إليه القاهرة والخرطوم بخطورة شديدة، لكون ذلك يهدد إمدادات المياه لهما.
وإزاء هذه التطورات، طار سامح شكري في جولة بدأت من كينينا، التي وصلها، مساء الأحد.
ومن المقرر أن تتضمن زيارات إلى كل من جزر القُمُر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس، حاملاً رسائل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول "تطورات ملف سد النهضة والموقف المصري في هذا الشأن".
وطبقاً للبيان الرسمي الصادر عن الخارجية المصرية، فإن تلك الجولة "تأتي انطلاقاً من حرص مصر على إطلاع دول القارة على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف سد النهضة الإثيوبي، ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية (...)".
أبعاد الزيارة
يقول مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، السفير حسين هريدي، إن "الجولة تأتي في توقيت مناسب؛ من أجل توضيح موقف مصر على أعلى مستوى، وذلك بعد تعثر مفاوضات كينشاسا الأخيرة، وعمليات تزييف الحقائق التي تقوم بها إثيوبيا من خلال وسائل إعلامها ومن خلال تعليقات بعض المصادر في الحكومة".
ويلفت في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن الجولة تشمل الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي (الكونغو الديمقراطية) كما تشمل أيضاً الرئيس السابق للاتحاد (جنوب إفريقيا) وهي عضو بهيئة المكتب، كما تضم الجولة أيضاً تونس، وهي العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن، إضافة إلى السنغال "التي لها مبادرة لافتة للنظر حول استخدام الأنهار الدولية".
وبالتالي فإن الجولة -بحسب هريدي- تأتي في توقيتها المناسب "وفي إطار تحرك دبلوماسي مصري تمثل في مخاطبة رئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة، وكذلك الاتصال الذي جمع وزير الخارجية المصري وسكرتير عام الأمم المتحدة" وغيرها من الاتصالات واللقاءات.
وتابع: "مسألة السد تحتاج إلى صبر كبير، وبذل جهود بصفة مستمرة من أجل التوصل لاتفاق يرضي الأطراف.. ونأمل أنه من الآن وحتى موسم الفيضان في يوليو المقبل أن تنجح رئاسة الاتحاد الأفريقي والدولة الأفريقية في دفع أثيوبيا للتوقيع على الاتفاق".
ورفضت أديس أبابا في وقت سابق مقترح "الوساطة الرباعية" المكونة من الاتحادين الأفريقي والأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة، وهو المقترح الذي قدمه السودان وأيّدته مصر. وأبدت أديس أبابا تمسكها بوساطة الاتحاد الأفريقي برئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وسبق الكونغو جمهورية جنوب إفريقيا في رئاسة الاتحاد العام الماضي، ولم يتمكن الاتحاد خلال رئاستها من التوصل لحلٍ توافقي ينهي النقاط الخلافية. كما فشلت مؤخراً جولة المفاوضات التي أجريت في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية.
دور إفريقي
"فهل يُمكن للدول الإفريقية أن تلعب دوراً مؤثراً في أزمة سد النهضة؟"، هو السؤال الذي يجيب عنه خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية اللواء محمد عبد الواحد، بشرح أبعاد جولة وزير الخارجية المصري وأهدافها.
ويقول في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إن "مصر تسعى لتصعيد الأزمة، ومن ضمن خياراتها التصعيد في مجلس الأمن.. وبالتالي فهي بحاجة لحشد دولي واسع وأن تتفق دول العالم مع موقفها بما يدعم ذلك الموقف عالمياً.. كما أنها أيضاً بحاجة لحشد الدول الإفريقية لكسب أصوات مؤيدة للموقف المصري داخل القارة والاتحاد الإفريقي".
ويشير خبير الشؤون الإفريقية، إلى أن "أديس أبابا نجحت في الفترة الماضية في ذلك (في العمل على الحشد لموقفها إفريقياً) وبالتالي فهي تتمسك بوساطة الاتحاد الإفريقي"، موضحاً في الوقت نفسه أن الجانب الإثيوبي "يلعب على عامل الوقت حتى يفاجئ العالم بالملء الثاني، وبعدها ستكون محاور المفاوضات صعبة".
وتسابق دولتا المصب (مصر والسودان) الزمن من أجل إيجاد حل للأزمة قبل الملء الثاني بعد شهور قليلة. وسط سيناريوهات مختلفة تلف مصير الأزمة التي تحظى باهتمام دولي، عبرت عنه المواقف الأميركية الأخيرة وكذلك الروسية.
مواضيع: