إن السفارة اليمنية تضطلع بدور دبلوماسي لتعزيز العلاقات وشرح المواقف للمجتمع الدولي، مشيرا إلى أنهم لا يعولون على التغيرات التي حدثت في البيت الأبيض، لأن السياسة الأمريكية لا تتغير، وأن دعوات السلام التي نقبلها هو السلام المبني على العدل وليس الاستسلام، نحن نمد ايدينا بالسلام منذ بداية الحرب وشاركنا في العديد من جولات التفاوض منذ بداية الحرب، لكن دول العدوان هى التي كانت تعرقل عملية التوصل لأي نتائج، لأنهم كانوا يريدون حسم المعارك العسكرية لصالحهم، الأمر الذي لم يتحقق لأكثر من 6 سنوات.
إلى نص الحوار...
سبوتنيك: بصفتكم سفيرا لحكومة الإنقاذ في سوريا.. ما هي المهام التي تقومون بها في ظل عدم اعتراف دولي بالوضع القائم في صنعاء؟
بغض النظر عن الاعتراف الدولي بحكومة الإنقاذ في صنعاء، إلا أن السفارة اليمنية في سوريا تقوم وتضطلع بكل المهام والأنشطة الدبلوماسية، التي من شأنها تعزيز العلاقات بين الشعبين الحكومتين، كذلك فإن موقف المجتمع الدولي السلبي تجاه حكومة صنعاء لم يمنع الحكومة من النشاط السياسي والدبلوماسي المباشر وغير المباشر، وخاصة مع الدول التي لا ترتهن في علاقاتها الخارجية للموقف الأمريكي.
وإضافة إلى النشاط الدبلوماسي مع الحكومات والدول ونظرا لظروف الحرب العدوانية والحصار على بلادنا، فإن حكومة الإنقاذ تعمل مع المنظمات الأممية والدولية والهيئات الشعبية في الدول العربية والإسلامية والصديقة، على نقل مظلومية شعبنا، والعمل على تشكيل رأي عام دولي ضاغط، باتجاه إيقاف العدوان ورفع الحصار، وإيقاف التدخل الخارجي في الشؤون اليمنية.
سبوتنيك: برأيك ما سبب التصريحات من مسؤولين إيرانيين بدعمكم في الحرب.. وهل هذا في صالحكم وأنتم تتحدثون عن استقلالية القرار؟
هذه التصريحات التي تتحدث عنها، قد تم التراجع عنها رسميا، لكن تحالف العدوان ووسائل إعلامه تتربص لأي تصريحات من هذا القبيل وتعمل على تضخيمها، وكأنها ستنفي الحقيقة الساطعة متمثلة في عدوانهم وتدخلهم العسكري المباشر في اليمن دون مسوغ أخلاقي أو قانوني، وارتكابهم عشرات المجازر بحق المدنيين والمستضعفين وسط تواطؤ من المجتمع الدولي، أما عن استقلالية القرار، فهذا ما نؤمن به ونضحي من أجل تثبيته، ولو كنا في وارد الخضوع والطاعة للسعودية وأمريكا، لما قامت هذه الحرب العدوانية أصلا.
كذلك فإن علاقتنا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، تأتي في إطار الثوابت والمبادئ التي تحكم علاقاتنا الدولية والخارجية، حيث نؤمن بأهمية هذه العلاقات مع كل دول العالم عدا الكيان الصهيوني، شرط أن تكون مستندة إلى الاحترام المتبادل، والمصالح المشروعة، وعدم التدخل في الشأن الداخلي.
سبوتنيك: ما هي انطباعاتكم عن إدارة بايدن بعد شهور من توليها مقاليد الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية؟
لا فرق عندنا بين إدارة بايدن أو ترامب أو أوباما، فكلهم شركاء في الحرب وفي الجرائم والانتهاكات وفي الحصار الذي يعاني منه شعبنا، وإذا كان بايدن قد أعلن عن توجه جديد للانسحاب من حرب اليمن، فقد مضت مائة يوم على هذه الإدارة ولم نلمس خطوة عملية إيجابية فى الميدان، فالحرب قائمة والحصار يتفاقم، والتضليل الإعلامي، والدجل الدبلوماسي متواصلان، حتى وهم يذرفون دموع التماسيح.
لكن بعيدا عن نوايا هذه الإدارة، فإن حالة التراجع الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، ناجمة عن أوضاع داخلية بحاجة إلى معالجات قد لا تكون متاحة في المدى القريب، ما يفرض على واشنطن التغيير في أسلوب التعاطي مع الملفات الخارجية، وهو تغيير تكتيكي لا أكثر.
سبوتنيك: كثر الحديث عن مبادرات السلام ووقف الحرب.. لماذا لم نلمس تجاوبا من جانبكم، وهل لكم مصلحة في استمرار الحرب كما يردد البعض؟
مسار السلام والمفاوضات ليس وليد اللحظة المرتبطة بالإعلان عن النوايا الأمريكية والسعودية، فدعوات السلام والحلول السياسية كانت مطروحة منذ بداية العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا، وقد استجبنا وانخرطنا في عدة مفاوضات من مسقط إلى جنيف وإلى الكويت والسويد وغيرها، وتحت إشراف من الأمم المتحدة، وفي معظم الجولات كان التفاوض المباشر أو غير المباشر ينطوي على اشتراطات وإملاءات تجعل من السلام استسلاما مهينا لا يمكن أن يقبله شعبنا، الذي أثبت بسالته في الصمود وفي المواجهات العسكرية مع العدو لأكثر من ست سنوات.
واليوم لا تزال المناورات الأمريكية والسعودية تتجه نحو تسوية ظالمة لا تستقيم وحقائق المتغيرات على الأرض، ومحال أن ينطلي علينا هذا الخداع، فإن كانوا جادين في إحلال السلام، فقد سمعوا من الوفد الوطني وجهة النظر اليمنية، المعبرة عن القيادة السياسية والثورية، وعن كل القوى الوطنية المناهضة للعدوان، وعليهم أن يقرروا ماذا يريدون..
سبوتنيك: هناك بعض الآراء تؤكد أنكم لن تلتزموا بنتائج أي عملية تفاوض .. ولن تقبلوا إلا بالهزيمة العسكرية؟
للأسف أصحاب هذا الرأي ما يزالون يعيشون الوهم، فكل المتغيرات والتقديرات تؤكد أن خيار الحسم العسكري أصبح من الماضي، والذي عجز عن إخضاعنا بالقوة العسكرية لا يمكنه تمرير أهدافه غير المشروعة في اليمن عبر الحلول السياسية.
في العمليات التفاوضية نحن الأكثر مرونة والتزاما، وهذا ما يؤكد عليه اتفاق السويد الذي وقعنا عليه والتزمنا بتنفيذ ما علينا وفق بنوده المعلنة، سواء لجهة إيقاف إطلاق النار في جبهة الحديدة، أو لجهة تخصيص حساب لإيرادات ميناء الحديدة لصالح مرتبات موظفي الدولة، بينما الطرف الآخر لم يلتزم بما عليه من واجبات، وحتى الأمم المتحدة، فإنها لم تقم بالتزاماتها لجهة السماح بالدخول المنتظم للسلع والمساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة.
اتفاق مونترو 2020م بشأن تبادل الأسرى والمفقودين، هو الآخر دليل على جديتنا في التفاوض وفي تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وقد عرضنا في هذا الملف أيضا عدة أفكار ومبادرات إيجابية وعملية لكنها قوبلت بالصد والتعنت من طرف العدوان ومرتزقته.
سبوتنيك: اتفاق ستوكهولم يرى البعض أنه خطأ للتحالف لأنه منحكم الفرصة لالتقاط الأنفاس.. هل ما زال الاتفاق ساريا على الأرض؟
اتفاق ستوكهولم أو السويد ما يزال ساريا بالفعل رغم الكثير من الخروقات، وبرغم أن طرف العدوان ومرتزقته لم ينفذوا كامل التزاماتهم إلا أن التهدئة العسكرية ملحوظة في الحديدة منذ نهاية 2018م، وحتى اليوم.. الاتفاق كان إيجابي لكل الأطراف، وكان سيكون أكثر إيجابية لولا تعنت العدوان وتواطؤ المبعوث الأممي. والمواطنين اليمنيين وبالذات المدنيين هو من التقط الأنفاس، أما نحن الطرف الوطني المناهض للعدوان، فإن الحرب ظلت قائمة علينا في بقية الجبهات، وكذلك الحصار والتضليل الإعلامي.
وللتذكير فإن مفاوضات السويد جاءت إثر الفضيحة الكبيرة و الجريمة الأبشع التي ارتكبها النظام السعودي ومحمد بن سلمان بحق الصحفي جمال خاشقجي، وكلنا يعرف كيف كانت وضعية النظام السعودي ومرتزقته، والعالم كله يندد بجريمة اغتيال خاشقجي، وتصاعد الحالة الإنسانية في اليمن بسبب الحرب والحصار، حسب وصفه.
سبوتنيك: من يملك وقف الحرب في اليمن.. وهل العلاقات بين إيران وواشنطن يلعب دورا في استمرار تلك الحرب؟
نحن ننظر إلى حرب اليمن باعتبارها عدوانا أمريكيا بامتياز، وقد أعلن السفير السعودي لدى أمريكا عن بدء ما يسمى بعاصفة الحزم من داخل واشنطن، واعترفت إدارة أوباما أنها تقدم الدعم اللوجستي لهذه الحرب، قبل أن تأتي إدارة ترامب التي استنزفت المال السعودي على حساب الدم اليمني، وكما أن أمريكا صاحبة قرار الحرب، فإنها من يملك النسبة الأكبر من أوراق إيقاف هذه الحرب العدوانية، غير أن جنوح واشنطن والرياض للسلام حتى وإن انتقل إلى خطوات عملية، فإن ذلك لا يعني إلا أن صمودنا هو الذي انتزع السلام المرتقب والنصر الوشيك.
وبالنسبة لإيران، فإن أمريكا هي من يقحم الجمهورية الإسلامية في الملف اليمني، في إطار سياسة مقايضة الملفات، لكن نحن لا نرى حرجا إذا كان إحلال السلام العادل في اليمن سيشمل أيضا التهدئة في سورية أو مع إيران مثلا، فنحن جزء أصيل من محور المقاومة نتأثر ونؤثر فيه.
سبوتنيك: برأيك، ما الدور الذي تتطلعون له من روسيا بشأن الأزمة اليمنية؟
روسيا الاتحادية لعبت دورا مقبولا في الملف اليمني، فقد أكدت رفضها للحلول العسكرية على الدوام، وأبقت على سفارتها تعمل في صنعاء منذ بدء العدوان في 2015م، وحتى نهاية 2017م، وامتنعت عن التصويت على القرار 2216 م، الذي شرعن للحرب والحصار على اليمن بأثر رجعي، كما أطلقت في 2018م مبادرة بشأن أمن الخليج، وعرضت نسخة منها على وفد أنصار الله الذي كان في موسكو حينها.
مع ذلك لا تزال المواقف الروسية بشأن اليمن والأزمة الإنسانية التي يعانيها شعبنا دون المأمول، وما زلنا نتطلع إلى عودة السفير الروسي إلى اليمن، واستئناف أعمال السفارة الروسية من صنعاء.
مواضيع: