وحين يفتح الفندق أبوابه مرةً أخرى أمام الراغبين في الإقامة به، سيكون قد انتهى دوره كمكان احتجاز مؤقت منذ ليل الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين أودع فيه العشرات من الأمراء ورجال الأعمال في حملة لمكافحة الفساد.
في مقال على موقع "أتلانتيك كاونسيل"، يقول المحلل السياسي السعودي، محمد اليحيى إنه فيما انتقد البعض هذه الحملة، فإن آخرين أشادوا بها وأعربوا عن تفاؤلهم من أن تكون بداية محتملة لنهاية الفساد الذي يعصف بالمملكة، متسائلًا: ماذا بعد الريتز كارلتون؟
يرى الكاتب أنه بالنظر إلى المشهد السياسي الجديد في المملكة والتغيرات الهيكلية في إدارتها، يصعب القول إن مثل هذه الحملة الدراماتيكية ليس لها بعد سياسي، ولكن لها أيضا نتائج اقتصادية كبيرة على البلاد، لافتًا إلى أن استئصال الفساد أمر ضروري للبقاء السياسي والاقتصادي للدولة السعودية.
ويؤكد المحلل أن الفساد أكبر عقبة في المملكة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والسياسية، لافتًا إلى أن ما أظهرته الحملة من فساد مالي في النخبة، والذي كشفته كثير من وسائل الإعلام الغربية، ليس إلا قمة جبل ثلجي، إذ إن هذه التغطية لم تكن عميقة بما يكفي للكشف عن الفساد المتوطن على جميع مستويات البيروقراطية، منذ أن بدأت البلاد في الحصول على عائدات النفط في السبعينيات.
وإذا كان البدء برأس الهرم في مكافحة الفساد له أهمية عملية ورمزية كبيرة، فما هو إلا خطوة أولى في إطار ما يجب أن يكون، ولكي تنجح هذه الخطوة، ينبغي إحداث تغييرات هيكلية لاجتثاث الفساد من البيروقراطية الحكومية على نطاق أوسع، بحسب ما يقوله الكاتب.
ويركز المحلل في مقاله على ضرورة مكافحة الفساد البيروقراطي الحكومي، فعلى سبيل المثال، بعض الهيئات الحكومية تستنزف أموال الدولة لأنها تسجل أعدادا كبيرة من الموظفين الوهميين الذين هم مقيدون في كشوف المرتبات في حين أن أقدامهم لم تطأ مقر العمل أبدا، وفي كثير من الاحيان ربما يحصل هؤلاء الأشخاص انفسهم على وظائف بدوام كامل في منظمات حكومية أخرى.
وذكر أن محاولات مكافحة الفساد السابقة في المملكة كانت تستهدف البيروقراطيين من المستوى المتوسط مع إعفاء النخب، لكنها فشلت لأن المكلفين بمكافحة الفساد حينها كانوا في كثير من الحالات هم من يحركه، ويبدو أن التحدي الآن هو كيفية استهداف النخبة، وكثير منهم يتمتع بعلاقات قوية، كما ينبغي أيضا تغيير الهيكل الذي يسمح للفساد بالنمو.
ويؤكد أن الرسالة من حملة الريتز كارلتون هي أن الحكومة الحاليّة قررت ملاحقة الأوزان الثقيلة والمسؤولين الحكوميين الأقوياء، لافتًا إلى أن أحد الأسباب التي جعلت السعودية تتجاهل هذه المشكلة في الماضي هي ببساطة ارتفاع أسعار النفط، فقد كانت تذهب الإیرادات إلی المشروعات الضخمة في ظل عدم وجود رقابة مؤسسیة متطورة.
ويرى الكاتب أن متابعة حملات الفساد أمر ضروري لتنفيذ رؤية ولي العهد 2030، وسط انخفاض أسعار النفط والتوترات وعدم الاستقرار الإقليميين، وسيتحدد مدى نجاح المملكة في ذلك بحسب مستوى المتابعة، وفي الإطار ذاته، يشير تقرير على موقع "ستراتفور" الأمريكي إلى أنه لا تزال إمكانية موجات اعتقال جديدة في المستقبل قائمة.
ويشير التقرير إلى أن هذه ليست المرة الأخيرة التي ستستهدف فيها السعودية الفساد، ومع تطور التغيرات داخل المملكة، سيواصل ولي العهد عمله لإزالة العقبات التي تواجه رؤيته لمستقبل البلاد.
مواضيع: