عندما وصل المهندس المصري عبد الفتاح رجب إلى طوكيو عام 1977 للدراسة، لم يكن يعلم أنه سيتقلد ذات يوم وشاح الشمس المشرقة، أعلى وسام ياباني على الإطلاق.
فقد قلد السفير الياباني لدى القاهرة نوكي ماساكي، المهندس المصري بأعلى وسام إمبراطوري، تقديرا لإنجازاته الكبيرة تجاه الدولة الآسيوية المتطورة، فماذا فعل ليستحق هذا التكريم الكبير؟
قبل أيام، أعلنت السفارة اليابانية بالقاهرة تسليم الوسام المرموق إلى رجب، القنصل الفخري العام بالإسكندرية سابقا، نظرا لجهوده في رعاية اليابانين ودعم الشركات القادمة من بلادهم ودوره البارز في عدد من المشاريع التعليمية والاقتصادية.
ويشير رجب في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى سعادته بالتكريم والحفاوة الشديدة التي قوبل بها من السفير الياباني أثناء الحصول على الوسام العريق، موضحا تلقيه الخبر منذ شهور عديدة "لكن لم يتسنَ إتمام اللقاء والحصول على الوسام بسبب أزمة فيروس كورونا".
إسهامات كبرى
ويقول رجب: "خلال اللقاء وتنفيذ الطقوس الخاصة بتسلم الوسام، أبلغني السفير أن إمبراطور اليابان يمنحه لأصحاب الإسهامات الكبرى في مختلف المجالات، لذلك شعرت بالفخر بتمثيل بلدي بصورة مشرفة من خلال التكريم الفريد".
وبدأت علاقة التعاون بين رجب وطوكيو على النطاق الحكومي عندما أعلنت اليابان عام 2002 عن حاجتها لقنصل فخري بمحافظة الإسكندرية لتمثيلها في مصر، وبعد عامين من البحث والتدقيق والمشاورات اختارت رجب، رجل الأعمال الذي يمتلك عددا من الشركات، لتولي المهمة، لامتلاكه خبرة كبيرة في التعامل مع اليابانيين.
ويكمل رجب حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "لم أكن أطمح للمنصب بقدر شغفي بالتعاون مع اليابانيين، حيث عشت في بلادهم لفترة طويلة خلال السبعينيات، واقتربت من ثقافتهم وعاداتهم وتعلمت لغتهم وتعرفت عليهم على المستوى الشخصي والاحترافي، وخضت شراكات في صناعات مختلفة مثل السيارات والحفارات وغيرها".
شراكات فعالة
ويضيف رجب: "منذ استلام عملي عام 2004 عملت على توفير المناخ الجيد لليابانيين من أجل الاستثمار في مصر، وعقد شراكات فعالة مع الدولة والقطاع الخاص. بذلت مجهودا كبيرا في شرح الاقتصاد المصري والقوانين الحكومية وتعريفهم بالخطوات المطلوبة لدخول السوق المصرية، فضلا عن تذليل العقبات أمامهم".
ويذكر القنصل الفخري العام بالإسكندرية السابق: "كانت لي أيضا إسهامات في المجال التعليمي، من بينها إنشاء الجامعة المصرية اليابانية، فقد حضرت كافة الاجتماعات التأسيسية لهذا الكيان وشاركت في التنسيق مع وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي حينذاك ومتابعة كافة الخطوات حتى خروج التجربة للنور، وهو ما جرى أيضا في مشروع المدارس اليابانية".
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي افتتاح الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا بمدينة برج العرب في الإسكندرية في سبتمبر من العام الماضي، كما أطلق اسم شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني السابق، على المرحلة الجديد للجامعة تقديرا لجهود طوكيو ودعمها لمصر في تحقيق تقدم بالمجال التعليمي.
وينوه رجب إلى سعيه لتوطيد العلاقات بين الحكومتين المصرية واليابانية خلال فترة توليه منصبه، وزياراته المستمرة إلى طوكيو ومحاولة إظهار مصر في المكانة التي تليق بها، وإبراز خطوات القاهرة تجاه التنمية وجذب الاستثمارات.
وظل الرجل يؤدي عمله بطريقة رسمية حتى عام 2011، حيث أصدرت مصر قرار بإلغاء عمل القناصل الفخريين داخل البلاد وإبلاغ كافة الدول الأجنبية بذلك، لكن رجب بقي لسنوات يساعد اليابانين في الإسكندرية وكافة المحافظات بإخلاص شديد.
مشروعات كبرى
وعن رؤيته لمستقبل التعاون بين البلدين، يرى رجب أن "العلاقات المصرية اليابانية في الفترة الحالية مزدهرة للغاية"، مشيرا إلى اهتمام السيسي بتوسيع نطاق المشاركة مع اليابان لكونها دولة اقتصادية كبرى ومؤثرة، وهو ما ظهر في اللقاءات المتبادلة بين الحكومتين خلال السنوات الأخيرة.
ويصل حجم التبادل التجاري بين مصر واليابان إلى أكثر من مليار دولار سنويا، وفقا للسفير نوكي ماساكي.
وتأتي صناعة السيارات والمنتجات الإلكترونية والزراعية في صدارة التعاون بين البلدين، فيما يؤكد على أن الشركات اليابانية قادرة على المساهمة في تنمية الاقتصاد المصري.
ويتوقع رجب حدوث شراكات قريبة بين القاهرة وطوكيو في مجالات عدة، مثل الكهرباء والمياه والبنى التحتية والتكنولوجيا، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع.
ويختتم حديثه قائلا: "لا أعتبر الحصول على الوسام نهاية المطاف. أنوي مواصلة العمل كجسر للتواصل بين مصر واليابان، ودعم الشركات اليابانية التي تفكر في العمل داخل بلدي".
وسبق أن منحت اليابان أسماء مصرية بارزة وسام "الشمس المشرقة"، من بينهم السفيرة فايزة أبوالنجا مستشارة الرئيس للأمن القومي، ونبيل فهمي وزير الخارجية المصري الأسبق، وهشام الزميتي سفير مصر السابق لدى اليابان، واللاعب المصري محمد رشوان بطل الجودو العالمي.
مواضيع: