"استحواذ مغربي" على أشهر مدارس الهندسة في فرنسا

  24 يناير 2022    قرأ 702
"استحواذ مغربي" على أشهر مدارس الهندسة في فرنسا

يشكل الطلاب المغاربة أول جالية تأتي للدراسة في فرنسا، إذ وفقا لأرقام الوكالة الوطنية للنهوض بالتعليم، التابعة لوزارتي التعليم العالي والخارجية "كامبوس فرانس"، فقد تسجل حوالي 45 ألف طالب مغربي في الجامعات والمدراس العليا الفرنسية في الدخول الجامعي 2020-2021، و13 بالمئة منهم اختاروا مدارس الهندسة المرموقة.

يجتاز الطلاب المغاربة ببراعة مباريات ولوج مدارس الهندسة الفرنسية الأكثر شهرة، في مشهد أصبح معتادا خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي لفت انتباه صحيفة "لو فيغارو" التي خصصت مقالا حيت من خلاله المستوى "المتميز" للمغاربة في مادة الرياضيات.

"يعتبر التميز في مادة الرياضيات أهم مهارة تركز عليها مباريات ولوج برنامجنا الدراسي، والنتائج تشير إلى أن مستوى المغاربة في هذه المادة مذهل بالإضافة إلى مادة الفيزياء"، هذا ما تؤكده مديرة العلاقات الدولية في مدرسة البوليتكنيك، جاييل لوكوف، في تصريحها لموقع "سكاي نيوز عربية".

وتعتبر مدرسة البوليتكنيك من المدارس التي تجذب المغاربة بشكل كبير، إذ استقبلت هذه السنة حوالي  110 طالب مغربي في سلك الهندسة، وهو رقم قياسي يحتل بفضله الطلاب المغاربة المرتبة الأولى من حيث عدد الأجانب المقبولين في الهندسة.  

ولا يرى عصام طويل، طالب في السنة الثالثة بمدرسة البوليتكنيك، أن هذا التميز "وليد الصدفة أو نبوغ متقد وذكاء فطري، بل هو نتيجة طريق طويل من الكد والاجتهاد".

ويقول في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "يجب وضع أهداف في الحياة والسعي وراء تحقيقها، مهما كانت الظروف الاجتماعية والثقافية، الأمر يتعلق بالعمل الدؤوب والإسرار على النجاح".

ومرّ عصام طويل من الأقسام التحضيرية بفرنسا قبل أن ينضم إلى مدرسة البوليتكنيك. لكن، حاليا وعكس السنوات السابقة، أصبحت الأقسام التحضيرية المغربية تورد أكبر عدد من الطلاب إلى مدارس الهندسة والتجارة في فرنسا.

وهذا طرح تتفق معه مديرة العلاقات الدولية في مدرسة البوليتكنيك بقولها: "أغلب المقبولين في سلك الهندسة في مدرسة البوليتكنيك مروا من الأقسام التحضيرية. وفي السنوات القليلة الأخيرة، لاحظنا أن عدد المغاربة القادمين من الأقسام التحضيرية المغربية في تصاعد عكس السنوات السابقة التي كان معظمهم يمر من الأقسام التحضيرية الفرنسية".

وتشير جريدة "لوفيغارو" إلى أن المغرب يضم حوالي عشرين مؤسسة تقدم 19 فصلاً تحضيريًا علميًا وهو ما اعتبرته "رقما قياسيا".

من جانبه، يجد عمر بنونة، طالب في السنة ثالثة بمدرسة البوليتكنيك بأن المقرر الدراسي الخاص بمادة الرياضيات في المغرب، غني أكثر بالمعلومات والتفاصيل بالمقارنة مع الفرنسي، لكنه لا ينفي لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه يجب "المثابرة والعمل المنتظم للبقاء في مستوى جيد عند التحاق بالمدارس العليا في فرنسا".

الرياضيات.. سلم اجتماعي للمغاربة

نفس التفوق يسجله المغاربة في المدرسة المركزية سوبيليك CentraleSupélec بباريس، إذ تضم دفعة العام الجاري في سلك الهندسة أكثر من 50 مغربيا من بين 250 طالب يدرسون بهذا التخصص. 

هذا "رقم مهم"، بالنسبة لنائب المدير العام للمدرسة بباريس، فيليب دوفورك، الذي يوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المغاربة يشكلون في كل سنة، النسبة الأولى بين الطلاب الأجانب المقبولين.

ويفسر دوفروك براعة المغاربة وتمكنهم من كل تشعبات مادة الرياضيات بكونها تشكل بالنسبة لهم "سلما اجتماعيا".

ويضيف: "خلال مدة مكوثي في المغرب، بعد افتتاح فرع المدرسة المركزية للدار البيضاء في عام 2015، تبين لي أن المغاربة مهتمون جدا بمادة الرياضيات من كل الطبقات الاجتماعية، خصوصا أن الدبلوم المحصل عليه من المدارس العليا الفرنسية يرادف مسيرة مهنية كبيرة في بلدهم. وهذا ما تشهد عليه المراكز المهمة التي تحصل عليها حاملو شواهد هذه المعاهد العائدين إلى المغرب عبر التاريخ، سواء في المجال السياسي أو المقاولاتي".

تفوق في أولمبياد الرياضيات

وإلى جانب تألقهم في مدارس الهندسة الفرنسية، يتصدر الطلاب المغاربة المسابقات العالمية والإقليمية في مادة الرياضيات.

ففي بداية العام الدراسي الحالي، توج عصام طويل وأيمن الشغراوي، طالبان مغربيان في البوليتكنيك، بميداليات ذهبية في الأولمبياد الدولي للرياضيات، متفوقين على طلاب من جامعات روسيا وإنجلترا والصين وإندونيسيا وغيرها.

وحول مزايا هذه المسابقة الرياضية السنوية التي تخص الطلاب الجامعيين الذين لا تزيد أعمارهم عن 23 عامًا، يصرح عصام طويل بأن "الأولمبياد يبعد الطالب عن منطق الدراسة من أجل المعدلات، ويحثه على فهم وتحليل المعلومات بشكل مبتكر، كما أنه يدفع به إلى البحث المتواصل عن التفوق".  

ويأتي هذا التتويج الدولي، بعد ثلاثة أشهر على فوز الفريق المغربي بالميدالية الذهبية في أولمبياد الرياضيات الإفريقي 2021، الذي نظمته تونس عن بعد في أواخر شهر ماي الماضي.

واحتل المنتخب المغربي – المكون من 3 فتيات و 3 فتيان – المركز الأول متفوقًا على جنوب إفريقيا وتونس، فيما توجت التلميذة المغربية، آية أكرجوط، بلقب "ملكة الرياضيات الإفريقية".

تماسك وتضامن وروح جماعية

من جهة أخرى، ينشط الطلاب المغاربة في العمل الجمعوي الذي يحاول البعض منهم من خلاله الترويج لمادة الرياضيات وتشجيع التلاميذ والطلاب على التفوق فيها.

وهذا حال جمعية "رياضيات المغرب"، التي تم تأسيسها في عام 2016 من طرف خريجي مدرسة البوليتكنيك.

"كان الهدف من إنشائها تدريب التلاميذ المغاربة لخوض الأولمبياد والحصول على أحسن النتائج دوليا. وحاليا تطور عملنا، وأصبحنا نقوم بالتوجيه وتقديم دروس دعم لتلاميذ الباكالوريا"، هكذا يوضح عضو مكتب الجمعية، عمر بنونة الذي يستعد رفقة مجموعة من زملائه في الدراسة لإصدار كتاب رياضيات إلكتروني، مفتوح في وجه الطلبة لإعدادهم لمباريات ولوج مدرسة البوليتكنيك، يحتوي على جميع العناصر والتفسيرات اللازمة لتخطي اختبارات الرياضيات بنجاح.

وتشهد مديرة العلاقات الدولية في مدرسة البوليتكنيك، بأن الطلاب المغاربة يقدمون مشوارا دراسيا ممتازا ومميزا.

وتختم حديثها: "أراهم شبابا يندمج بسرعة، هم مثال يحتذى به في التماسك والتضامن وروح العمل الجماعي والتأقلم مع الجانب العسكري للمدرسة".


مواضيع:


الأخبار الأخيرة