وكان للنجم المصري، 25 عاما، تأثيرا مذهلا على الفريق منذ وصوله إلى ملعب أنفيلد، لكن هذا النجم المتواضع، معشوق الجماهير في مصر، أظهر تصميما وعزما على أن يصبح نجما سوبر.
"بسيط وهادئ" صلاح رمز التواضع في مصر
محمد صلاح وتراث السودان في إسبانيا ضمن أفضل صور أفريقيا
محمد صلاح أول مصري يفوز بجائزة الاتحاد الافريقي لأفضل لاعب منذ 34 عاما
محمد صلاح أفضل لاعب افريقي لعام 2017
يعد صلاح بالفعل بمثابة بطلا قوميا في مصر، وذلك منذ أن قاد منتخب بلاده إلى نهائيات كأس العالم في روسيا العام الجاري، بعد غياب 28 عاما، حيث لم يصل المنتخب المصري لكأس العالم منذ 1990.
وساهم بفاعلية في وصول مصر لكأس العالم بعد أن أحرز هدف الفوز على الكونغو من ركلة جزاء في الأسكندرية، أكتوبر/تشرين أول الماضي.
تألق صلاح وتواضعه وتصميمه على أن لا ينسى جذوره أبدا جعلت منه شخصية رمزية (أيقونة) ومصدرا للفخر الوطني في مصر.
وأُطلق اسمه على شوارع ومدرسة في مدينته بسيون، بمحافظة الغربية وسط دلتا مصر.
محمد صلاح: اللاعب الذي يحمل على أكتافه آمال مصر في كأس العالم
كما أنه يحتفظ دائما بصلات قوية مع أهالي قرية "نجريج"، التي ولد وتربى فيها، ويتبرع بانتظام لأهالي قريته ودفع تكاليف إنشاء مجمع رياضي وملعب حديث دائم الاستخدام في كل الظروف الجوية، حتى يمكن لنجوم المستقبل في قريته إظهار مهاراتهم في كرة القدم.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في يناير/كانون الثاني 2017، محمد صلاح ليشكره على إنجازاته وتبرعه لصندوق تحيا مصر بمبلغ خمسة ملايين جنيه مصري لتعزيز الاقتصاد الوطني، في حضور وزير الرياضة المصري خالد عبدالعزيز.
كما قدم صلاح أيضا 30 ألف يورو لجمعية قدامى اللاعبين في مصر، كما رفض فيلا فاخرة قدمها له أحد رجال الأعمال بعد إحراز هدف الفوز على الكونغو، وطلب منه التبرع بثمنها إلى قريته.
وقبل مشواره الاحترافي في الخارج لعب صلاح لصالح نادي المقاولون العرب بدلا من الانضمام للفريقين الكبيرين الأهلي أو الزمالك، وهو ما منحه الفرصة ليحصل على حب جمهور الناديين ويكون قوة موحدة لجماهير كرة القدم المتعصبة في مصر.
وعندما كان عمره 14 عاما، كان يسافر من بلدته إلى القاهرة أربع ساعات بالحافلة، وكان يركب خمس مواصلات أحيانا، ليتدرب مع المقاولين العرب ثم يقطع نفس الرحلة في العودة.
وفي هذا الوقت كان يلعب في مركز ظهير أيسر بفريق الشباب، قبل أن تظهر مهاراته ومواهبه والقدرات السحرية لقدمه اليسرى ليأخذ مكانه الطبيعي في الهجوم..
ويقول مروان سعيد، خبير كرة القدم المصري، لبي بي سي سبورت :"إنه هادئ وبسيط جدا كشخص و كلاعب كرة قدم، وبالكاد يظهر مع وسائل الإعلام في مصر أو في الخارج".
ويضيف :"إنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بمستوى معتدل، فهو لا يحب الكلام كثيرا وهذا شيء جيد".
ويوضح مروان أن محمد صلاح أو "مو"، كما يلقبه الجمهور الإنجليزي، تزوج في سن مبكرة وأنجب طفلته مكة ويبقي بعيدا عن دائرة الضوء.
ويتابع :"لدينا شوارع ومؤسسات سميت باسمه تكريما لإنجازاته، وخاصة بعد إنجاز لا يصدق بقيادة "الفراعنة"مرة أخرى إلى كأس العالم لأول مرة منذ عام 1990. محمد صلاح هدية لمصر وهو دائم العطاء، وقد يستمر ذلك طويلا".
ومن جانبه، يرى مراد ياكين، أول مدرب التقاه صلاح في رحلته الاحترافية في بازل السويسري عام 2012، أنه لن يتأثر بنشوة النجومية التي تحيط به.
وقال ياكين لبي بي سي "مو متواضع وبسيط جدا، لكن في الملعب فهو قائد وذكي وخشن بطريقة جيدة".
"لا يمكنهم إيقافه"
عندما انتقل فيليب كوتينيو، من ليفربول إلى برشلونة الأسباني في موسم الانتقالات الشتوية يناير/ كانون الثاني الماضي، مقابل 142 مليون جنية استرليني، كان هناك فراغا يجب ملؤه وصلاح تقدم بقوة.
وبعد أدائه الرائع خلال الفترة الماضية أصبح صلاح بسرعته النموذج المثالي للجمهور التواق لنجم من الطراز العالمي الحقيقي.
لكن لم يكن هذا هو الحال عند قدومه إلى أنفيلد الصيف الماضي قادما من روما بعد رحلة في تشيلسي الإنجليزي وفيورنتينا الإيطالي ثم روما، ولم تثر صفقة انتقاله للفريق ضجة كبيرة.
هل كان نجاح صلاح مفاجأة؟
يرى ياكين، الذي درب بازل من 2012 حتى 2014 أن ما فعله صلاح ليس مفاجأة، وقال عقب تسجيل صلاح هدفا لصالح بازل في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام في 2013، "إذا استطاع محمد أن يسجل أهدافا أخرى، فلن يبقى هنا (في بازل)".
ويقول ياكين الأن :"صلاح ذكي جدا وإرادته ليتعلم ويعمل في الملعب رائعة، ومع الاستمرار في العمل سيصبح أفضل وأفضل".
ونجح صلاح مبكرا أن يغير الفكرة القائلة بأن ليفربول تعاقد مع لاعب لم يكن جيدا في تشيلسي، لكن الاكتشاف الأكبر كان ضراوته أمام المرمى، فهو لا يرحم.
أما جان مولبي، لاعب وسط ليفربول السابق فيقول لبي بي سي عن صلاح :"لقد فاجأني شخصيا ولم أعتمد على ما فعله أو ما لم يفعله مع تشيلسي. إنه أكثر مما رأيته يفعل مع روما".
وتابع :"رأيت روما في مباريات دوري الأبطال الأوروبي، وكان صلاح نموذجي وحيوي ولاعب كرة مليء بالطاقة وعطاء لا نهائي".
ويؤكد أنه لا يمكن لأحد إيقافه في الملعب "يفعل ما يريده، الجميع يعلم ما ينوي صلاح فعله في الملعب لكنهم لا يمكنهم إيقافه، مثل أريين روبن".
ويضيف :"بطريقة سهلة ومؤثرة للغاية أصبح صلاح الأن من بين أكثر لاعبي الكرة في العالم تهديفا".
إذا لماذا لم يحقق صلاح هذا مع تشيلسي؟
لم يحقق صلاح الكثير مع تشيلسي بعد انتقاله من بازل لأنه لم يحصل على الفرصة كاملة، فخلال أكثر من عام قضاه في ملعب ستامفورد بريدج لعب 530 دقيقة فقط في الدوري الإنجليزي وبدأ أساسيا في ست مباريات وخاض سبعا أخرى كبديل.
لكن لقطات من مسيرة صلاح القصيرة مع تشيلسي كانت تشير إلى ما فعله مع ليفربول هذا الموسم، ولا يمكن نسيان ما فعلته قدمه اليسرى أمام أرسنال في المباراة التي حسمها تشيلسي بستة أهداف نظيفة وأحرز صلاح فيها هدفا، عام 2014.
ومع ذلك، فقد كانت فترة قليلة الإنجاز قبل أن يغادر إلى فيورنتينا الإيطالي في فبراير/شباط 2015.
ووُصف صلاح بأنه فشل في الدوري الإنجليزي، ولكن المزيد من التحقيق يشير، إلى أنه كان في وقت ما زال ينضج كلاعب ربما كان يقاوم أيضا ضد الخصوصية التكتيكية للحياة في تشيلسي.
ولم يكن وحده من عانى في تشيلسي. فهناك قائمة مبهرة بهؤلاء الذين لم ينجحوا في هذه الفترة.
وقال بات نيفين، جناح تشيلسي السابق لبي بي سي سبورت."كان اللعب في الجناح اليمين لتشيلسي صعبا، فلعب في هذا المكان خوان كوادرادو وأيضا أندريه شورل، وكان لديك كيفين دي بروين وماركو مارين حاولوا اللعب هناك، وكذلك حاول مو صلاح اللعب هناك".
ويضيف :"كانوا جميعا هناك في فترة قصيرة نسبيا من الزمن وهذه أسماء كبيرة للغاية".
وحول وضع صلاح مع تشيلسي يقول نيفين :"لم يكن تشيلسي أحمقا، وكان الوضع صعبا على صلاح ولكن كان هناك أيضا لاعبين من الطراز العالمي يكافحون من أجل وضع حد لهذا الموقف".
وأوضح أن صلاح لم يفعل أي شيء خطأ في تشيلسي، وكل من تحدثت معهم عنه قالوا إن موقفه كان مثاليا تماما.
وتابع :"كان صلاح أصغر سنا، ولم يكن قويا كما هو الآن، وقد نضج، وأظن أنه كان قد نضج تماما في تشيلسي، ولكن هل حصل على الفرصة خلال هذه الفترة؟ ربما لا ".
وأحرز الخماسي كوادرادو وصلاح وشورل ومارين ودي بروين عددا ضئيلا من الأهداف مع تشيلسي بلغ 14 هدفا رغم المشاركة في 79 مباراة في الدوري، لذلك ربما كان صلاح نجم ليفربول الحالي ضحية للظروف.
وقال مدربه السابق ياكين :"أعتقد أن مو لاعب حساس فعلا يحتاج إلى وقت ومشاعر جيدة من المدرب والموظفين. وفي تشيلسي، ربما كان كل شيء مبكرا جدا بالنسبة له، والأمور انتهت سريعا وكانت سريعة جدا".
وعن رحلته في إيطاليا يوضح ياكين :"كان دائما لديه عقلية لتحقيق أهدافه، وكانت بالفعل صفاته عندما ذهب إلى إيطاليا لكنه كان ينضج مع تلك المدرسة الإيطالية، تكتيكيا وإنسانيا".
الإنضمام لريال مدريد
كان رئيس اتحاد كرة القدم المصري هاني أبو ريدا، قد حذر ليفربول مع ادعائه بأن ريال مدريد سيعمل على ضم صلاح في الصيف، ولكن نهج اللاعب وتواضعه يشير إلى أنه لا توجد أسباب للقلق الفوري.
استقر صلاح في إنجلترا مع زوجته وابنته الصغيرة، كما أنه يقدر حياته الجديدة في أنفيلد مع الابتعاد عن الأضواء خارج الملعب.
ومن المؤكد أن آدائه خاصة مع منتخب مصر في كأس العالم المقبل هذا الصيف سيجذب الانتباه إليه، ولكن المدرب السابق ياكين يصر على أنه لا حاجة للتسرع.
وقال ياكين :"عندما تكون سعيدا في ناد وتقضي وقتا طيبا مع كل شيء وكل فرد ليس هناك سبب لتغيير النادي، كما أنه لديه وقت طويل قادم، سنرى ما سيفعله المستقبل".
ويعتقد مولبي أن صلاح سيكون بالفعل على رادار أندية في أوروبا، لكنه يعتقد أن سعره الأن يزيد على 100 مليون جنية استرليني.
ويقول مولبي :"ستشعر بخيبة أمل إذا لم تكن أفضل النوادي في العالم تبحث عنه، يجب عليهم هذا".
ويوضح كان صلاح صفقة لا تصدق، يمكنني فقط مقارنته مع عثمان دمبيلي، الذي هو أصغر قليلا ولكن بالتأكيد ليس لديه ما يتمتع به صلاح، ومع هذا دفع برشلونة 135 مليون استرليني لضمه.
"ولا تنس أن صلاح يمكنه اللعب في أربعة مراكز أي من الجانبين أو خلال الوسط وخلف المهاجم، وسيكون له نفس الفعالية في كل منهما.
ولا يجب أن يقل سعره عن 120 مليون استرليني، "وأعتقد والكثير من مشجعي ليفربول أننا لا يمكن التخلي عن صلاح لأنه سيكون خسارة حقيقية للنادي وغيابه سيترك فجوة كبيرة، أكبر من كوتينيو الذي رحل بالفعل".
مواضيع: