ونقلت المجلة الأمريكية، تقريراً لـ"خوان كول"، الأستاذ في جامعة ميشيغان الأمريكية، قوله إن "قطر تغلبت على دول الحصار لمرونة اقتصادها وعلاقاتها الدبلوماسية بالأشخاص الناضجين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مؤكداً أن السعودية والإمارات، الغنيتين بالنفط، كانتا تحاولان السيطرة على دولة قطر بالكامل، مؤكداً أن القوى العربية لم تحاول إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بشكل جذري كهذا منذ غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت في الثاني من أغسطس/آب 1990.
وأضاف: "هذه المرة، وقف الرئيس الأمريكي مع المعتدين بدلاً من وضع حد للأمر، ورغم تعداديهما السكاني واحتياطياتهما النفطية الأكبر بكثير وقدرتهما الإعلامية الدعائية، ومواردهما العسكرية الأضخم، تلقت الرياض وأبوظبي هزيمة مهينة، كاشفاً أسباب ما وصفه تفوق قطر الصغيرة على خصميها.
وبحسب "ذا نيشن"، مع أن "السعوديين ضللوا في البداية الرئيس دونالد ترامب الساذج كي يدعم حملتهم ضد قطر، فإن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، غيرا بمرور الوقت رأي ترامب وأقنعاه بأن الخلاف بين الملَكيات الخليجية، المنضوية ضمن مجلس التعاون الخليجي، لا يفيد إلا إيران، علاوة على ذلك، كانت النخبة القطرية على معرفة جيدة بكلا الرجلين.
وأضافت: "بصفته قائدا سابقا لقوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) وقائداً سابقاً للقيادة المركزية الأمريكية، كان ماتيس يألف قاعدة العديد الجوية، القاعدة الأميركية الموجودة في قطر، ويدرك جيداً قيمتها. وكان لتيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل، علاقات عمل طويلة مع الدوحة".
وفي نهاية يناير/كانون الثاني 2018، حضر تيلرسون وماتيس حواراً قطرياً — أمريكياً استراتيجياً، كال فيه الوزيران الثناء الواسع على قطر، باعتبارها شريكاً أمنياً للولايات المتحدة. وكان ذلك الخطاب مختلفاً بـ180 درجة عن تغريدات ترامب المتسرعة الصيف الماضي، والتي اتهم فيها قطر بأنها دولة مارقة ومنبع للإرهاب، بحسب المجلة الأمريكية.
وعودة لبداية الأزمة التي تحدث عنها خوان كول، في تقريره، فقد"تخلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، عن هدوء أسلافهما، وسعيا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، فهما يشنان حرباً دموية ومدمرة في اليمن، وحاولا إجبار رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة".
ونصب الاثنان نفسيهما مناهضين للنفوذ الإيراني في العالم العربي، لكن ما يخشيانه حقاً هو أي سياسة شعبية خارج نطاق سيطرتهما، وليست مصادفة إذن أن تكون علاقتهما بتونس ولبنان مضطربة، وهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان بهما انتخابات حقيقية، كما تقول المجلة.
ووفقاً لـ"ذا نيشن"، فرض المعتديان، اللذان شكلا مع مصر والبحرين رباعياً ضد قطر، حصارا اقتصاديا على الدولة الغنية بالنفط والغاز، بل وأغلقا مجاليهما الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية، وزعمت أن هناك حملة دعائية ضد قطر في الغرب، وادعت حصول عضو البرلمان البريطاني دانيال كاويزنسكي على أكثر من 20 ألف دولار، للتحدث في مؤتمرٍ مناهض لقطر في لندن.
وبحسب المجلة الأمريكية، كانت الخطوة الأولى التي اتخذتها الحكومة القطرية، هي التوصل مع تركيا، إذ تدخلت أنقرة لمنع الغزو المباشر، عبر التسريع في تفعيل الاتفاقية العسكرية بين البلدين، التي بموجبها أرسلت تركيا عدداً من قواتها إلى قاعدتها في قطر.
ثم كانت هناك مشكلة الرحلات الجوية، فسرعان ما تفاوضت قطر مع إيران، التي رحبت بإحباط الطموحات السعودية عبر السماح للرحلات القطرية بالمرور فوق أراضيها، مسترشدة بمراقبي الحركة الجوية في شيراز. وبفضل إمكانية الوصول إلى المجال الجوي لإيران والعراق وتركيا، تمكنت الخطوط الجوية القطرية من الالتفاف على الحصار الجوي الذي فرضه الرباعي، ولو أن ذلك تسبب في تكاليف جديدة كبيرة، بحسب المجلة الأمريكية.
وأضاف التقرير: "لم تتمكن البلدان المحاصرة من أن تقول بالضبط لماذا تعاملت مع قطر بهذه الطريقة، لكنها في نهاية المطاف، أخرجت 13 مطلباً. وطالب الرباعي بما وصفوه بتعويضات عن الخسائر في الأرواح، الناجمة عن سياسات قطر الأخيرة. بعبارة أخرى، اعترفوا بوضوحٍ بأن التحرك ضد الدولة الخليجية الصغيرة كان مجرد سطو". "قطر، التي يبلغ عدد سكانها أقل من 300 ألف نسمة، يبلغ إجمالي ناتجها المحلي نحو 160 مليار دولار، ما يضعها بالقرب من بلدان أكثر كثافة سكانية مثل اليونان ونيوزيلندا، وتملك صندوق ثروة سيادية تبلغ قيمته نحو 300 مليار دولار، وهو هدف مغرٍ لمحمد بن سلمان، الذي غرم طبقة رجال الأعمال السعودية 100 مليار دولار، بسجنهم في فندق الريتز كارلتون بالرياض".
وكان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطعت علاقاتها مع قطر في الـ5 يونيو/حزيران 2017، بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة.
مواضيع: ترامب