هو رجل مقعد لا ينطق، لكنه صاحب الفضـل في الكثير من النظريات الفيزيائية والعلمية غير المسبـوقة، علم الإرادة والتحدي فترجمت قصته على الصعيدين العلمي والشخصي إلى فيلم سينمائي يحاكي مراحل من حياته الواقعية وكيف هزم المرض متحولاً إلى أشهر عالم فيزياء في العالم.
ويتناول فيلم "نظرية كل شيء" The Theory Of Everything عدداً من المحطات الهامة والمفصلية في حياة العالم العبقري ستيفن هوكينغ، منذ أن كان عمره 21 سنة في 1963، وقت تعرفه على زوجته وزواجهما السريع بعد اكتشاف المشاكل الصحية التي يعاني منها، إلى تفاصيل حياتهما وكيفية معايشتهما لمرضه.
ويركّز الفيلم على عدد من الإنجازات التي أتمها هوكينغ على الصعيد الفيزيائي من نظريات وحصوله على شهادات، إضافةً إلى تسليطه الضوء على جوانب عديدة من شخصية ستيفن خاصةً حس الفكاهة الذي يتمتع به رغم المعاناة المريرة التي يعايشها.
من هو ستيفن هوكينغ؟
هو عالم فيزياء نظرية، ولد في مدينة اكسفورد في 8 أبريل (نيسان) 1942، ويتزامن هذا التاريخ مع الذكرى الـ 300 لوفاة العالم الفلكي الشهير غاليلو.
في صغره، كان مستواه الدراسي بين المتوسط والسيئ، لكنه كان مهتماً بشدة بمعرفة يكيفية عمل الأشياء، فكان كثيراً ما يفكك الساعات وأجهزة الراديو، إلى أن أطلقوا عليه في المدرسة لقب "أينشتاين" رغم علاماته المتدنية.
في الثانوية أيضاً لم يكن متفوقاً في دراسته، كان والده يريده أن يدرس الطب في اكسفورد، لكن ستيفن هوكينغ لم يكن مقتنعا بذلك، وفضل دراسة الفيزياء حيث حصل على العلامات التامة تقريباً فيها.
في السابعة عشـر من عمره أيام الجامعة في اكسفورد، شارك في مجموعة تجديف وكسب شعبية واسعة، ولكن بعد مضي ثلاث سنوات شعر أنه اصبح يتعثر كثيراً ويسقط أرضاً دون سبب منطقي، ومن هنا بدأت رحلته في تحدي المرض.. والإبداع.
رحلة مقاومة المرض
أصيب وهو في عمر 21 بمرض عصبي يدعى "التصلب الجانبي" جعله مع مرور الزمن مقعداً غير قادر على الحراك، وذكر الأطباء أنه مرض خطير جداً، وأنه لن يعيش أكثر من سنتين.
لكن إرادته الصلبة أدهشت الأطباء، وتزوّج عام 1965 من "جين وايلد".
لم تنته معاناته مع المرض بأن أصبح مقعداً فحسب، بل أصيب فى 1985 بالتهاب رئوي، اضطـر إلى إجراء عملية جراحية لشق حنجرته، ففقد بعدها القدرة على الكلام كلياً إلى أن ساعده المهندس الأمريكي والت وولتز بتطوير نظام حاسوب معقد أتاح له التخاطب بكتابة الكلمات المطلوبة على شاشة الكمبيوتر، ثم طور خبير آخر من كمبريدج برنامجاً أكثر تطوراً ملتصقاً بكرسيه المتحرك.
ويعتبر هوكينج نموذجاً في التحدي والصبر، ومقاومة المرض وإنجاز ما عجز عنه الأسوياء، وإلى تفوقه العلمي، تميز بخصال إنسانية كثيرة مثل الدعابة، وحب مساعدة الطفولة وقرى الأطفال، والتنديد بالحروب، حتى أنه شارك رغم وضعه الصحي في مظاهرات ضد الحرب على العراق.
إنجازاته العلمية
لستيفن هوكينغ أبحاث نظرية في علم الكون، وأبحاث عن العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكية الحرارية، وله أيضاً دراسات عن التسلسل الزمني.
وعمل مع معاونه جيم هارتل في تطوير نظرية "الكون اللامحدود" التي غيّرت التصور القديم للحظة الانفجار الكبير، بيغ بانغ، أو نشأة الكون، إضافةً إلى عدم تعارضها مع فكرة أن الكون نظام منتظم ومغلق.
جعلت نظريات وأبحاث هوكينغ مفاهيم الفيزياء المعقدة، أكثر مرونة، وأسهل لدى الجميع، وشارك مع ابنته لويس، الروائية في الكتابة للأطفال، وتقديم شروحٍ مبسطة عن الكون، بطريقة درامية مدهشة كان أولها في 2007 كتاب بعنوان: "George’s Secret Key To The Universe" والثاني في 2011 بعنوان: George and the Big" Bang".
وفي 2007، اختبر بتجربة انعدام الجاذبية، وكان ستيفن هوكينغ حينها بعيداً عن كرسيه لأول مرة منذ أربعة عقود وتمت هذه التجربة بواسطة طائرة بوينغ 727 معدلة حلقت على ارتفاع 32 ألف قدم بزاوية حادة، وثم انخفضت إلى 8 آلاف قدم ليتمكن من معايشة تجربة انعدام الجاذبية لمدة 25 ثانية.
ولهوكينغ أيضاً كتاب "موجز تاريخ الزمن"، الذي يُبسط المفاهيم المعقدة في الفيزياء بدءاً من أرسطو الى ستيفين وينبيرغ، الذي دخل به موسوعة غينيس للأرقام القياسية، باعتباره الأوسع انتشاراً، وتُرجم إلى أكثر من 40 لغة وتحول إلى فيلم في 1991 من إخراج ستيفين سبيلبرغ.
مواضيع: هوكينغ