وقال آخر، "إنه ينتمي إلى النجوم، وقد عاد إلى وطنه الآن".
يذكر ان العديد من الصينيين نشأوا على قراءة كتاب هوكينغ الإبداعي "التاريخ الموجز للزمن"، ويقال إن انتشار نسخة هذا الكتاب باللغة الصينية لم تتفوق عليها إلا النسخة الانجليزية منه.
وكانت زيارة هوكينغ إلى الصين في عام 2006 قد أثارت اهتماما كبيرا، وشبه الإعلام الصيني الإعجاب الذي يحظى به بالإعجاب الذي يحظى به النجم السينمائي توم كروز.
وعندما فتح حسابا في موقع التواصل الاجتماعي الصيني ويبو في عام 2016، وعبر من خلاله عن ترحيبه "بأصدقائه في الصين"، قوبل بترحاب منقطع النظير إذ حصل على الملايين من المتابعين في غضون ساعات قلائل.
لاشك في أن البروفيسور هوكينغ كان يحظى بحب الملايين في شتى أنحاء العالم، ولكن الاحترام والتبجيل الذي يحظى به في الصين كان على مستوى آخر كليا.
من المعروف أن العلماء والأكاديميين يتمتعون تقليديا بالاحترام في الحضارة الصينية، التي تبجل أيضا العمل الجاد والانضباط.. ويرى الصينيون أن نجاح البروفيسور هوكينغ في التغلب على المصاعب التي واجهها في حياته جعله يستحق هذا التبجيل.
كما ظهر البروفيسور هوكينغ على المسرح العلمي في وقت كانت الصين الحديثة فيه تسارع الخطى لتحقيق طموحاتها العلمية والفضائية.
وقال البروفيسور شينغ تونغ ياو في جامعة تسينغهوا في بكين لبي بي سي، "نحن جميعا معجبون بإبداعه وروح البحث التي كان يتحلى بها، رغم الصعوبات البدنية الكبيرة التي كان يواجهها".
واضاف البروفيسور ياو، الذي لعب دورا في تسهيل زيارة هوكينغ إلى الصين، "كان ودودا جدا، وراغبا في شرح موضوع الفيزياء للناس العاديين. كانت ابتسامته تسترعي انتباه الجميع .. إن الصينيين ممتنون لكرمه في قضاء بعض الوقت في الصين".
وبذا بزغ نموذج مثالي كانت تبحث عنه الدولة الصينية.
إذ جاء في تقرير نشره الإعلام الصيني الرسمي في عام 2006 ما يلي، "لهوكينغ موقع شبيه بمواقع النجوم الكبار في الصين، والحكومة الصينية ما برحت تقول إن البراعة في مجال العلوم تعد عنصرا حيويا بالنسبة لقوة البلاد في المستقبل".
ومما ساعد هوكينغ في الحصول على هذه الشعبية الهائلة في الصين امتناعه - أول الأمر - عن انتقاد الصين، بل كان سعيدا في التماشي مع ما كانت ترغب به حشود محبيه.
وقال هوكينغ لجمهوره في آخر زيارة قام بها للصين، "أحب الحضارة الصينية والأكل الصيني، وأكثر منهما النسوة الصينيات. إنهن جميلات"، ووصف الصينيين بأنهم "أذكياء جدا ومجدون وأنهم حققوا الكثير في مجالات العلم والتكنولوجيا".
وقبل وقت ليس بالبعيد، أدخل هوكينغ الفرحة في قلوب الصينيين الشباب عندما رد على سؤال عبر ويبو وجهه المغني الصيني الشهير وانغ جونكاي، قائد فريق TFBoys الغنائي استفسر فيه عن النزوح عبر المجرات. امتدحه البروفيسور هوكينغ بالقول إنه وجه "سؤالا ممتازا".
وبعد الاعلان عن وفاة هوكينغ، كتب وانغ في وسائل التواصل، "ستنتمي إلى الكون والنجوم إلى الأبد. وسأحفر تعاليمك في قلبي".
ولكن في السنوات الأخيرة، تعرض البروفيسور هوكينغ لبعض الانتقادات، وتحديدا بخصوص موضوع الذكاء الاصطناعي الذي كان يقض مضجعه.
ففي لقاء عن طريق الفيديو أجراه في بكين في العام الماضي، حذر هوكينغ الصين من بزوغ نماذج جبارة من الذكاء الاصطناعي، وقال "علينا بذل كل ما أوتينا من جهد لضمان أن يعود التطور المستقبلي للذكاء الاصطناعي بالخير علينا وبيئتنا".
وتعد الصين الآن من الدول الرائدة على النطاق العالمي في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتطويره، وتستخدم الدولة الصينية هذه التقنية على نطاق واسع في أنظمة التعرف على الوجوه من أجل إلقاء القبض على المجرمين ومراقبة المواطنين أيضا.
ولكنه كان يؤمن بصدق بالصين، وخصوصا بأجيالها الشابة وقدرة هذه الأجيال على تغيير العالم.
وكان هوكينغ أثنى في معرض رده على سؤال المغني وانغ من خلال ويبو على الجيل الصيني المولود في الألفية الثانية لنظرته المستقبلية وحبه للتعلم، وقال "آمل في أن تكونوا في مجال سعيكم للعلم والأفكار الأخرى، أن تواصلوا حبكم للعلم وثقتكم بأنفسكم".
وفي واحدة من آخر مساهماته في ويبو، شكر هوكينغ متتبعيه الذين يعدون بالملايين، وقال، "كانت تجربة رائعة أن أتواصل معكم هنا".
ومضى إلى القول "أتطلع إلى رؤية ما ستتمكن مواهب الشعب الصيني من تحقيقه في مجالات العلم والفضاء".
ولد من تراب، وعاد الى النجوم
حب البروفيسور هوكينغ الواضح للصين وأهلها ربما كثف من مشاعر الحزن على رحيله بالنسبة للأجيال الشابة في البلاد.
فمن العبارات المؤثرة التي كتبت بعد رحيله في وسائل التواصل الاجتماعي الصينية - والتي نشرتها وسائل الإعلام الرسمية - هذا التعليق: "ولدت من تراب، وعدت إلى النجوم في السماء. لقد تعرفت على هذا الإنسان عندما كنت طالبا في المدرسة الثانوية، وعلمني عن صمود البشرية الأسطوري الذي لا يلين، كما كشف لي اللثام عن أسرار الثقوب السوداء في الكون. استمعت إلى نبوءاته وتقبلت تجلياته العلمية. لقد اختفى هذا الإنسان من كوكبنا الأزرق، إذ غادره لاكتشاف الكون الذي كان يتوق لرؤيته أيما توق. سفرة سعيدة يا ستيفن هوكينغ".
وقال آخر، "أنا خائف، فقد فقدت فجأة حسي بالأمان في الأرض".
مواضيع: